رد على شبهات الوهية المسيح من القران الكريم بقلم/أكرم حسن مرسي(4)
الأحد نوفمبر 28, 2010 11:19 pm
الشبهة الثانية عشر: قالوا: صومه وصبره دليل على ألوهيتِه !
قالوا : إن صومَ وصبر المسيح يدل على ألوهيتِه ....ويستشهدون على قولهم بهذا النصِ الوارد في إنجيلِ متى إصحاح 4 عدد2فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا.
الرد على الشبهة
أولاً:إذا كان النصُ يدل على ألوهيتِه لأنه صام وصبر فإن جوعَه يكذبه ، ويدلل على بشريته ونبوتِه.... هذا واضحٌ من النص ذاته: " جَاعَ أَخِيرًا " !
ثانيًا :إن الكتابَ المقدس يذكر لنا أن بعضَ الأنبياءِ - عليهم السلام - صاموا وصبروا نفس المدة التي صام فيها يسوعُ أربعين نهاراً وأربعين ليلة فهل معنى ذلك أن هؤلاء الأنبياء كانوا آلهةً مثله...؟!
جاء ما ذكرتُ في عدةِ مواضعٍ منها :
1- موسى أقام على جبل سيناء أربعين نهاراً وأربعين ليلة دون أكلٍ وشربٍ ... وذلك في سفر التثنية إصحاح 9 عدد9حِينَ صَعِدْتُ إِلَى الْجَبَلِ لِكَيْ آخُذَ لَوْحَيِ الْحَجَرِ، لَوْحَيِ الْعَهْدِ الَّذِي قَطَعَهُ الرَّبُّ مَعَكُمْ، أَقَمْتُ فِي الْجَبَلِ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً لاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً.
2-إيليا النبي صام أربعين نهاراً وأربعين ليلة بعد أن أكل أكلةً واحدةً .....وذلك في سفر الملوك الأول إصحاح19 عدد7ثُمَّ عَادَ مَلاَكُ الرَّبِّ ثَانِيَةً فَمَسَّهُ وَقَالَ: «قُمْ وَكُلْ، لأَنَّ الْمَسَافَةَ كَثِيرَةٌ عَلَيْكَ». 8فَقَامَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ، وَسَارَ بِقُوَّةِ تِلْكَ الأَكْلَةِ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً إِلَى جَبَلِ اللهِ حُورِيبَ.
ثالثًا: إن اللهَ قويٌّ عزيزُ لا يتعب ولا يكل ولا يمل ، لا يجوع فهو الصمد الذي لا جوف له ...هذه هي صفات الإله الحقيقي بحقٍ ،جاءت هذه الصفاتُ الطيبة في عدةِ مواضع منها:
1-قوله : كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) (المجادلة ).
2-قوله : مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) (الحج ).
3-قوله : اللَّهُ الصَّمَدُ (2) (الإخلاص ).
قال ابنُ كثيرٍ في تفسيره : قوله: { اللَّهُ الصَّمَدُ } قال عكرمة، عن ابن عباس: يعني الذي يصمد الخلائق إليه في حوائجهم ومسائلهم. وقال عكرمة: { الصَّمَدُ } الذي لم يخرج منه شيء ولا يطعم . أهـ بتصرف.
4- سفرِ إشعياء إصحاح 40 عدد28أَمَا عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَسْمَعْ؟ إِلهُ الدَّهْرِ الرَّبُّ خَالِقُ أَطْرَافِ الأَرْضِ لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَعْيَا. لَيْسَ عَنْ فَهْمِهِ فَحْصٌ. 29يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً. 30اَلْغِلْمَانُ يُعْيُونَ وَيَتْعَبُونَ، وَالْفِتْيَانُ يَتَعَثَّرُونَ تَعَثُّرًا. 31وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ. يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ.
5- سفرِ إشعياء إصحاح 50 عدد2لِمَاذَا جِئْتُ وَلَيْسَ إِنْسَانٌ، نَادَيْتُ وَلَيْسَ مُجِيبٌ؟ هَلْ قَصَرَتْ يَدِي عَنِ الْفِدَاءِ؟ وَهَلْ لَيْسَ فِيَّ قُدْرَةٌ لِلإِنْقَاذِ؟ هُوَذَا بِزَجْرَتِي أُنَشِّفُ الْبَحْرَ. أَجْعَلُ الأَنْهَارَ قَفْرًا. يُنْتِنُ سَمَكُهَا مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ، وَيَمُوتُ بِالْعَطَشِ. 3أُلْبِسُ السَّمَاوَاتِ ظَلاَمًا، وَأَجْعَلُ الْمِسْحَ غِطَاءَهَا».
6- سفر إرمياء إصحاح 10 عدد10أَمَّا الرَّبُّ الإِلهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ. مِنْ سُخْطِهِ تَرْتَعِدُ الأَرْضُ، وَلاَ تَطِيقُ الأُمَمُ غَضَبَهُ.
7- سفر القضاة إصحاح 5 عدد 5تَزَلْزَلَتِ الْجِبَالُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ، وَسِينَاءُ هذَا مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ.
سبق أن بيّنتُ أن النص ذاته يدل على بشريته ونبوته وضعفه حيث يقول(النص) : " جَاعَ أَخِيرًا "!
وجاء النص في إنجيل لوقا إصحاح 4 عدد1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيرًا.
نلاحظ " وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيرًا "!
وتوضح نصوص الأناجيل ضعفَه الاله – يسوع- في عدة مواضع منها :
1- إنجيل مرقس إصحاح 11 عدد12وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ، 13فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. 14فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا:«لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُون.
نلاحظ :أنه جاع فذهب لشجرة التين وهو لا يعلم موسم إنباتها فلم يجد فيها طعام فلعنها ...!
2-إنجيل لوقا إصحاح 8 عدد23وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ نَامَ. فَنَزَلَ نَوْءُ رِيحٍ فِي الْبُحَيْرَةِ، وَكَانُوا يَمْتَلِئُونَ مَاءً وَصَارُوا فِي خَطَرٍ.24فَتَقَدَّمُوا وَأَيْقَظُوهُ قَائِلِينَ:«يَا مُعَلِّمُ، يَا مُعَلِّمُ، إِنَّنَا نَهْلِكُ!».
نلاحظ أنه كان نائمًا متعبًا..!
3-إنجيل يوحنا إصحاح 4 عدد6وَكَانَتْ هُنَاكَ بِئْرُ يَعْقُوبَ. فَإِذْ كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ السَّفَرِ، جَلَسَ هكَذَا عَلَى الْبِئْرِ، وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ.
نلاحظ :أنه تعب من السفر فجلس يستريح...!
4-إنجيل يوحنا إصحاح 8 عدد59فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازًا فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هكَذَا .
نلاحظ: أنه هرب من اليهودِ خوفًا من أن يرجموه بالحجارة !!
5-إنجيل لوقا إصحاح 22عدد43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.
نلاحظ : أنه كان يصلِّ للهِ، ويدعوه لينجيه من اليهود فستجاب اللهُ له بإرسال ملاكً ليقويه...!
وبعد هذا العرض أتساءل :هل هذه الصفات تنطبق على اللهِ ؟!
وكيف يحق بعد ذلك للمعترضين أن يقولوا بأن المسيحَ هو الله..... ؟!
الشبهة الثالثة عشر : قالوا المسيح يرسل الرسل،وهذا دليل على ألوهيته....
زعموا أن المسيح اله ؛لأنه أرسل رسولاً باسمه إلي البلاد... والقرآن يذكر ذلك في سورةِ يس قائلاً: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19) وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ
زعموا أن القرية أنطاقية ، والرسل كانوا رسلَ المسيح وهذا يدل على ألوهيته...
الرد على الشبهة
أولاً: إن تعريفنا لرسول الله أنه يأتي بشريعةِ جديدة… فكلُّ رسولٍ نبي وليس كلُّ نبيٍّ رسول ...فكانت رسالة المسيح هي أنه يحل لليهود ما حرم عليهم ... يقول : وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) (آل عمران)
ويبقى السؤال :ما هي رسالة رسل المسيح الجديدة التي أتى بها ،مثل التشريعات ......وهل هذا دليل ألوهية...؟!
ثانيًا:إن القرآن ينفي زعمهم الذي فيه أن الرسل رسل يسوع المسيح أرسلهم باسمه؛لأن القرآن يذكر أن المرسل هو الله ،وليس غيره ،تدلل على ذلك الآيات نفسها كما يلي:
1- قوله: إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14)
نلاحظ أن الذي أرسل الرسولين الله ...
2- قوله: قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15)
نلاحظ أن هل القرية سموا من ارسلهم بالرحمن ومن المعلوم أنه اسم لله وحده ،ولم يتسمي به المسيح يوما ما...
3- قوله: قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17)
نلاحظ أن الرسل بينوا لأصحاب القرية أنه ما عليهم إلا إبلاغ رسالة ربِّهم ...وهذا يؤيد ما سبق ذكره...
إن قيل :إن بعض التفاسير ذكرت أن الرسلَ كانوا رسل المسيح كما يلي:
1-تفسير ابن كثير: وزعم قتادة بن دعامة: أنهم كانوا رسل المسيحإلى أهل أنطاكية. أهـ
2- تفسير القرطبي : وقيل: إن عيسى بعثهم إلى أنطاكية للدعاء إلى الله....أضاف الرب ذلك إلى نفسه، لأن عيسى أرسلهما بأمر الرب، وكان ذلك حين رفع عيسى إلى السماء. أهـ
قلتُ:إن الملاحظ من تفسير ابنِ كثير قوله:" زعم قتادة " ،والزعم هو الادعاء بالباطل.....
والملاحظ من تفسير القرطبي أن عيسى أرسلهما بأمر الربِّ كما كان من محمدٍ r يرسل رسلا للملوك....كما سيتقدم معنا - إن شاء الله-
وقد نفى ابنُ تيميةَ ما جاء في بعض كتب التفاسير بهذا الشأن ،وذلك في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح قائلاً: ويقال: إن إنطاكية أول المدائن الكبار الذين آمنوا بالمسيح وذلك بعد رفعه إلى السماء ولكن ظن من ظن من المفسرين أن المذكورين في القرآن هم رسل المسيح وهم من الحواريين وهذا غلط لوجوه...أهـ
ثالثا:إنني افترض جدلاً أن الرسلَ هم رسلُ المسيح أرسلهم إلى قرية أنطاقية ...
أتساءل :هل هذا دليل على ألوهية كما يزعم المنصرون.....؟!
الجواب :ليس هذا دليلاً على ألوهيته؛ لأن محمدًا r كان يرسل رسلاً باسمه ،وكذلك أنبياء الكتاب المقدس...
أولاً: أكتفي بما جاء في زادِ الميعاد لابن القيم - رحمه الله- كما يلي:
فصل في كتبه ورسله r إلى الملوك (ج1 /ص 116 ).
لما رجع من الحديبية كتب إلى ملوك الأرض وأرسل إليهم رسله فكتب إلى ملك الروم فقيل له : إنهم لا يقرؤون كتابا إلا إذا كان مختوما فاتخذ خاتما من فضة ونقش عليه ثلاثة أسطر : محمد سطر ورسول سطر والله سطر وختم به الكتب إلى الملوك وبعث ستة نفر في يوم واحد في المحرم سنة سبع
فأولهم عمرو بن أمية الضمري بعثه إلى النجاشي واسمه أصحمة بن أبجر وتفسير [ أصحمة ] بالعربية : عطية فعظم كتاب النبي r ثم أسلم وشهد شهادة الحق وكان من أعلم الناس بالإنجيل وصلى عليه النبي r يوم مات بالمدينة وهو بالحبشة هكذا قال جماعة منهم الواقدي وغيره وليس كما قال هؤلاء فإن أصحمة النجاشي الذي صلى عليه رسول الله r ليس هو الذي كتب إليه هذا الثاني لا يعرف إسلامه بخلاف الأول فإنه مات مسلما وقد روى مسلم في صحيحه من حديث قتادة عن أنس قال : كتب رسول الله r إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله تعالى وليس بالنجاشي الذي صلى عليه رسول الله rوقال أبو محمد بن حزم : إن هذا النجاشي الذي بعث إليه رسول الله rعمرو بن أمية الضمري لم يسلم والأول هو اختيار أبا سعد وغيره والظاهر قول ابن حزم
وبعث دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر ملك الروم واسمه هرقل وهم بالإسلام وكاد ولم يفعل وقيل : بل أسلم وليس بشئ .
وقد روى أبو حاتم ابن حبان في صحيحه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله r: [ من ينطلق بصحيفتي هذه إلى قيصر وله الجنة ؟ فقال رجل من القوم : وإن لم يقبل ؟ قال : وإن لم يقبل فوافق قيصر وهو يأتي بيت المقدس قد جعل عليه بساط لا يمشي عليه غيره فرمى بالكتاب على البساط وتنحى فلما انتهى قيصر إلى الكتاب أخذه فنادى قيصر : من صاحب الكتاب ؟ فهو آمن فجاء الرجل فقال : أنا قال : فإذا قدمت فأتني فلما قدم أتاه فأمر قيصر بأبواب قصره فغلقت ثم أمر مناديا ينادي : ألا إن قيصر قد اتبع محمدا وترك النصرانية فأقبل جنده وقد تسلحوا حتى أطافوا به فقال لرسول رسول الله r : قد ترى أني خائف على مملكتي ثم أمر مناديه فنادى : ألا إن قيصر قد رضي عنكم وإنما اختبركم لينظر كيف صبركم على دينكم فارجعوا فانصرفوا وكتب إلى رسول الله r: إني مسلم وبعث إليه بدنانير فقال رسول الله r: كذب عدو الله ليس بمسلم وهو على النصرانية ] وقسم الدنانير
وبعث عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى واسمه أبرويز بن هرمز ابن أنوشروان فمزق كتاب النبي r فقال النبي r: [ اللهم مزق ملكه ] فمزق الله ملكه وملك قومه
وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس واسمه جريج بن ميناء ملك الإسكندرية عظيم القبط فقال خيرا وقارب الأمر ولم
يسلم وأهدى للنبي r مارية وأختيها سيرين وقيسرى فتسرى مارية ووهب سيرين لحسان بن ثابت وأهدى له جارية أخرى وألف مثقال ذهبا وعشرين ثوبا من قباطي مصر وبغلة شهباء وهي دلدل وحمارا أشهب وهو عفير وغلاما خصيا يقال له : مابور وقيل : هو ابن عم مارية وفرسا وهو اللزاز وقدحا من زجاج وعسلا فقال النبيr: [ ضن الخبيث بملكه ]
وبعث شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء قاله ابن إسحاق والواقدي قيل : إنما توجه لجبلة بن الأيهم وقيل : توجه لهما معا وقيل : توجه لهرقل مع دحية بن خليفة والله أعلم وبعث سليط بن عمرو إلى هوذة بن علي الحنفي باليمامة فأكرمه وقيل : بعثه إلى هوذة وإلى ثمامة بن أثال الحنفي فلم يسلم هوذة وأسلم ثمامة بعد ذلك فهؤلاء الستة قيل : هم الذين بعثهم رسول الله r في يوم واحد .
وبعث عمرو بن العاص في ذي القعدة سنة ثمان إلى جيفر وعبد الله ابني الجلندى الأزديين بعمان فأسلما وصدقا وخليا بين عمرو وبين الصدقة والحكم فيما بينهم فلم يزل فيما بينهم حتى بلغته وفاة رسول الله r وبعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين قبل منصرفه من الجعرانة وقيل : قبل الفتح فأسلم وصدق.
وبعث المهاجر بن أبي أمية المخزومي إلى الحارث بن عبد كلال الحميري باليمن فقال : سأنظر في أمري
وبعث أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن عند انصرافه من تبوك وقيل : بل سنة عشر من ربيع الأول داعيين إلى الإسلام فأسلم عامة أهلها طوعا من غير قتال
ثم بعث بعد ذلك علي بن أبي طالب إليهم ووافاه بمكة في حجة الوداع
وبعث جرير بن عبد الله البجلي إلى ذي الكلاع الحميري وذي عمرو يدعوهما إلى الإسلام فأسلما وتوفي رسول الله r وجرير عندهم وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى مسيلمة الكذاب بكتاب وكتب إليه بكتاب آخر مع السائب بن العوام أخي الزبير فلم يسلم
وبعث إلى فروة بن عمرو الجذامي يدعوه إلى الإسلام وقيل : لم يبعث إليه وكان فروة عاملا لقيصر بمعان فأسلم وكتب إلى النبي r بإسلامه وبعث إليه هدية مع مسعود بن سعد وهي بغلة شهباء يقال لها : فضة وفرس يقال لها : الظرب وحمار يقال له : يعفور كذا قاله جماعة والظاهر - والله أعلم - أن عفيرا ويعفور واحد عفير تصغير يعفور تصغير الترخيم
وبعث أثوابا وقباء من سندس مخوض بالذهب فقبل هديته ووهب لمسعود بن سعد اثنتي عشرة أوقية ونشا .
وبعث عياش بن أبي ربيعة المخزومي بكتاب إلى الحارث ومسروح ونعيم بني عبد كلال من حمير .أهـ
ثانيًا: الكتاب المقدس فيه بيان لما سبق ذكره في الآتي:
1- سفر التكوين إصحاح 32 عدد3وَأَرْسَلَ يَعْقُوبُ رُسُلاً قُدَّامَهُ إِلَى عِيسُوَ أَخِيهِ إِلَى أَرْضِ سَعِيرَ بِلاَدِ أَدُومَ، 4وَأَمَرَهُمْ قَائِلاً: «هكَذَا تَقُولُونَ لِسَيِّدِي عِيسُوَ: هكَذَا قَالَ عَبْدُكَ يَعْقُوبُ: تَغَرَّبْتُ عِنْدَ لاَبَانَ وَلَبِثْتُ إِلَى الآنَ. 5وَقَدْ صَارَ لِي بَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَغَنَمٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ. وَأَرْسَلْتُ لأُخْبِرَ سَيِّدِي لِكَيْ أَجِدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ».
6فَرَجَعَ الرُّسُلُ إِلَى يَعْقُوبَ قَائِلِينَ: «أَتَيْنَا إِلَى أَخِيكَ، إِلَى عِيسُو، وَهُوَ أَيْضًا قَادِمٌ لِلِقَائِكَ، وَأَرْبَعُ مِئَةِ رَجُل مَعَهُ». 7فَخَافَ يَعْقُوبُ جِدًّا وَضَاقَ بِهِ الأَمْرُ، فَقَسَمَ الْقَوْمَ الَّذِينَ مَعَهُ وَالْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَالْجِمَالَ إِلَى جَيْشَيْنِ. 8وَقَالَ: «إِنْ جَاءَ عِيسُو إِلَى الْجَيْشِ الْوَاحِدِ وَضَرَبَهُ، يَكُونُ الْجَيْشُ الْبَاقِي نَاجِيًا».
وأتساءل: هل يعقوب اله لنه أرسل رسلاً لعيسوا....
2-سفر التكوين إصحاح 41 عدد14فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَدَعَا يُوسُفَ، فَأَسْرَعُوا بِهِ مِنَ السِّجْنِ. فَحَلَقَ وَأَبْدَلَ ثِيَابَهُ وَدَخَلَ عَلَى فِرْعَوْنَ.
وأتساءل: هل فرعون إله لأنه أرسل رسلاً ليوسف...؟
3- سفر العدد إصحاح 13 عدد3فَأَرْسَلَهُمْ مُوسَى مِنْ بَرِّيَّةِ فَارَانَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. كُلُّهُمْ رِجَالٌ هُمْ رُؤَسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، 4وَهذِهِ أَسْمَاؤُهُمْ: مِنْ سِبْطِ رَأُوبَيْنَ شَمُّوعُ بْنُ زَكُّورَ. 5مِنْ سِبْطِ شِمْعُونَ شَافَاطُ ابْنُ حُورِي. 6مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا كَالِبُ بْنُ يَفُنَّةَ. 7مِنْ سِبْطِ يَسَّاكَرَ يَجْآلُ بْنُ يُوسُفَ. 8مِنْ سِبْطِ أَفْرَايِمَ هُوشَعُ بْنُ نُونَ. 9مِنْ سِبْطِ بَنْيَامِينَ فَلْطِي بْنُ رَافُو. 10مِنْ سِبْطِ زَبُولُونَ جَدِّيئِيلُ بْنُ سُودِي. 11مِنْ سِبْطِ يُوسُفَ: مِنْ سِبْطِ مَنَسَّى جِدِّي بْنُ سُوسِي. 12مِنْ سِبْطِ دَانَ عَمِّيئِيلُ بْنُ جَمَلِّي. 13مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ سَتُورُ بْنُ مِيخَائِيلَ. 14مِنْ سِبْطِ نَفْتَالِي نَحْبِي بْنُ وَفْسِي. 15مِنْ سِبْطِ جَادَ جَأُوئِيلُ بْنُ مَاكِي. 16هذِهِ أَسْمَاءُ الرِّجَالِ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ مُوسَى لِيَتَجَسَّسُوا الأَرْضَ. وَدَعَا مُوسَى هُوشَعَ بْنَ نُونَ «يَشُوعَ».
17فَأَرْسَلَهُمْ مُوسَى لِيَتَجَسَّسُوا أَرْضَ كَنْعَانَ، وَقَالَ لَهُمُ: «اصْعَدُوا مِنْ هُنَا إِلَى الْجَنُوبِ وَاطْلَعُوا إِلَى الْجَبَلِ، 18وَانْظُرُوا الأَرْضَ، مَا هِيَ: وَالشَّعْبَ السَّاكِنَ فِيهَا، أَقَوِيٌّ هُوَ أَمْ ضَعِيفٌ؟ قَلِيلٌ أَمْ كَثِيرٌ؟ 19وَكَيْفَ هِيَ الأَرْضُ الَّتِي هُوَ سَاكِنٌ فِيهَا، أَجَيِّدَةٌ أَمْ رَدِيئَةٌ؟ وَمَا هِيَ الْمُدُنُ الَّتِي هُوَ سَاكِنٌ فِيهَا، أَمُخَيَّمَاتٌ أَمْ حُصُونٌ؟ 20وَكَيْفَ هِيَ الأَرْضُ، أَسَمِينَةٌ أَمْ هَزِيلَةٌ؟ أَفِيهَا شَجَرٌ أَمْ لاَ؟ وَتَشَدَّدُوا فَخُذُوا مِنْ ثَمَرِ الأَرْضِ». وَأَمَّا الأَيَّامُ فَكَانَتْ أَيَّامَ بَاكُورَاتِ الْعِنَبِ.
وأتساءل :هل كان موسى إلها لنه أرسل رجالاً...
4- سفر العدد إصحاح 21 عدد21وَأَرْسَلَ إِسْرَائِيلُ رُسُلاً إِلَى سِيحُونَ مَلِكِ الأَمُورِيِّينَ قَائِلاً: 22«دَعْنِي أَمُرَّ فِي أَرْضِكَ. لاَ نَمِيلُ إِلَى حَقْل وَلاَ إِلَى كَرْمٍ وَلاَ نَشْرَبُ مَاءَ بِئْرٍ. فِي طَرِيقِ الْمَلِكِ نَمْشِي حَتَّى نَتَجَاوَزَ تُخُومَكَ».
إذن نفهم مما سبق: أن الرسول هو الذي يحمل برسالة من المرسل إلى المرسل إليه...وهذا ليس دليل ألوهية...
الشبهة الرابعة عشر :قالوا:المسيحُ في السماءِ يجلس عن يمينِ الآب (الله)،وهذا دليل ألوهيته...
قالوا : إن المسيحَ رُفع إلى السماءِ يجلس عن يمينِ الأب (الله ) ...جاء ذلك في عدة مواضع من الكتاب المقدس منها ما قاله بولس الرسول في رسالته إلى أهل كولوسي إصحاح 3 عدد1فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ.
الرد على الشبهة
أولاً: إن رفعَ المسيح إلى السماء وجلوسه عن يمين الله ليس دليلاً على ألوهيته ؛ وإنما دليل علي نبوتِه كشأن غيره من الأنبياء الذي صعدوا إلى السماء بجانب ربِّهم،وذلك بحسب ما جاء في الكتاب المقدس في موضعين :
الأول :نبيُّ اللهِ أخنوخ (إدريس ) أصعد إلى السماء ،وذلك في سفر التكوين إصحاح 5 عدد24وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ.
الثاني :نبيُّ اللهِ إيليا (إليسع) صعد إلى السماء ، وذلك في سفر الملوك الثاني إصحاح 2 عدد 11وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَكَلَّمَانِ إِذَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ وَخَيْلٌ مِنْ نَارٍ فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ.
نلاحظ من خلال ما سبق: أن النبيين - عليهما السلام - ُرفعا إلى الله دون صلبٍ، أو إهانةٍ من أعدائهما بخلاف كما فُعِل بيسوع المسيح بزعم الأناجيل حيث تقول :إنه ضُرِب ،وبُصِق في وجهه،وسُخر منه .... وذلك في إنجيل متى إصحاح26 عدد 67حِينَئِذٍ بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ، وَآخَرُونَ لَطَمُوهُ 68قَائِلِينَ:«تَنَبَّأْ لَنَا أَيُّهَا الْمَسِيحُ، مَنْ ضَرَبَكَ؟»...لا تعليق!
ثانيًا :إن هناك نصًا فاصلا ً يبطل أدعاء مثيري الشبهة ،هو ما جاء في إنجيل لوقا إصحاح 22 عدد66وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ اجْتَمَعَتْ مَشْيَخَةُ الشَّعْبِ: رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ، وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ 67قَائِلِينَ:«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمسِيحَ، فَقُلْ لَنَا!». فَقَالَ لَهُمْ:«إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ، 68وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ تُطْلِقُونَنِي. 69مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ».
نلاحظ 69مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ». ولم يقل : الله جالساً عن يمين قوة الله ؛إنما قال ابن الإنسان- قصد يسوع- أي: النبي المكرم ... وهذا يكفي لإبطال الشبهة - بفضل اللهِ –
فلا يوجد دليلٌ واحدٌ من الأناجيل يقول:إن يسوع لاهوت كامل...
الشبهة الخامسة عشر: المسيح إله بنص آية من القران...!
هكذا زعموا مستدلين على زعمهم بقوله : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) (التوبة )
الرد على الشبهة
أولاً:إن كلمة المسيح منصوبة معطوفة على الأحبار والرهبان، والمعنى: أن هؤلاء عبدوا الأحبار(علماء اليهود)والرهبان(عباد النصارى) والمسيحَ ابن مريم ،وما كان لهم إلا ليعبدوا إلها واحدًا رب السماوات والأرض؛ ليس الأحبار في أطاعة أوامرهم دون تدبر ،والرهبان ،والمسيح ...تدلل على ذلك عدة أدلة منها:
1-تفسير النبي r للآية وهو ما ثبت في الآتي:
أ- سنن الترمذي برقم 3020 عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ :أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى r وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ.وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ :{ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ }
قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ.
ب- سنن البيهقي برقم 20847 عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ -رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِىَّ rوَفِى عُنُقِى صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُاتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) قَالَ :قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ. قَالَ :« أَجَلْ وَلَكِنْ يُحِلُّونَ لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيَسْتَحِلُّونَهُ وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَيُحَرِّمُونَهُ فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ لَهُمْ ».
2- التفسير الميسر: اتخذ اليهودُ والنصارى العلماءَ والعُبَّادَ أربابًا يُشَرِّعون لهم الأحكام، فيلتزمون بها ويتركون شرائع الله، واتخذوا المسيح عيسى ابن مريم إلهًا فعبدوه، وقد أمرهم الله بعبادته وحده دون غيره، فهو الإله الحق لا إله إلا هو. تنزَّه وتقدَّس عما يفتريه أهل الشرك والضلال.
تفسير البغوي: { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا } أي: علماءهم وقرّاءهم، والأحبار: العلماء، وأحدها حِبر، وهو يقرأ: { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ } حتى فرغ منها، قلت له: إنّا لسنا نعبدهم، فقال: "أليس يُحرمون ما أحلّ الله فتحرمونه ويحلّون ما حرّم الله فتستحلونه"؟ قال قلت: بلى، قال: "فتلك عبادتهم" .
قال عبد الله بن المبارك: وهل بدل الدين إلا الملوك ... وأحبار سوء ورهبانها{ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ } أي: اتخذوه إلها، { وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } .
ثانيًا: كان على المعترضين أن ينظروا إلى تتمةِ الآيةِ حتى يزول ما في عقولهم من أوهام ...فتتمتها تتقول: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)
والمعنى: وَمَا أُمِرُوا" فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل "إلَّا لِيَعْبُدُوا""إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَه إلَّا هُوَ سُبْحَانه" تَنْزِيهًا لَهُ مما قد فعلوا من عبادة الأحبار والرهبان والمسيح...
إذن من خلال ما سبق ينتفي تمامًا المعنى المراد من زعم المعترضين...- بفضل الله -
ثانيًا:إن الأناجيل تنص صراحة على نبوة المسيح ،وان هناك من بدل دينة ،والأناجيل خير شاهد على ذلك ...تدلل على ذلك عدة نصوص منها:
1- المسيحُ ينفي عقيدةَ التثليثِ ، وألوهيته وبنوته .... وذلك في إنجيل يوحنا إصحاح 17 عدد3وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.
2-:شهادة بطرس الرسول أنه رسولٌ من عندِ اللهِ.... وذلك في
سفر أعمالِ الرسلِ إصحاح 2 عدد22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسْطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ.
قلتُ: لم قل واحدٌ منهم قط :إن المسيحَ إلهٌ...
3-:شهادة الجموع الذين عاصروه على تدل أنه رسولٌ من عند اللهِ ،وذلك من الآتي:
1-إنجيل متى إصحاح 21 عدد10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً:«مَنْ هذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ:«هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».
2-إنجيل يوحنا إصحاح 4 عدد19قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ:«يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ!
3-إنجيل يوحنا إصحاح 4 عدد43وَبَعْدَ الْيَوْمَيْنِ خَرَجَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى الْجَلِيلِ، 44لأَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ شَهِدَ أَنْ:«لَيْسَ لِنَبِيٍّ كَرَامَةٌ فِي وَطَنِهِ».
4-إنجيل يوحنا إصحاح 6 عدد 14فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا:«إِنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ!»
5-إنجيل يوحنا إصحاح 7 عدد 40فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هذَا الْكَلاَمَ قَالُوا:«هذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ».
6-إنجيل يوحنا إصحاح 9 عدد 17 قَالُوا أَيْضًا لِلأَعْمَى:«مَاذَا تَقُولُ أَنْتَ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ فَتَحَ عَيْنَيْكَ؟» فَقَالَ:«إِنَّهُ نَبِيٌّ!».
وأما الذين بدلوا دينه فالحديث عنهم يطول لأن ذلك يتعلق بما حدث في المجامع في طبيعة المسيح وغيرها....
الشبهة السادسة عشر شبهة حول قوله الله فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.
زعموا: أن ربَّ العالمين يخلق ،وهناك من يخلق مثله ؛مثل المسيح ...ولكنه أحسن في الخلق...فهل الخلق من خصوصيات الله وحده أم غيره مثل المسيح ...؟
تعلقوا على ذلك بما جاء في الآتي:
1-قوله : فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) (المؤمنون)
2-قوله : أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) (الصافات)
الرد على الشبهة
أولا: إن حقيقة الخلق على نوعين :خلق مطلق ،وخلق مقيد.
والأخير كما خلق موسى من العصا ثعبانًا، وخلق المسيحُ من الطينِ طيرًا..
وهذا الخلق يكون بإذن منه : وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ،وقال: وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ48 (آل عمرا ن)
إذن معنى الخلق المقيد هو: أن المخلوق لا يخلق شيئًا إلا بإذن الله ،وهذا واضح من الآيات السابقة... لذلك يقول الله عن نفسه: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.
ثانيا: إن هناك خلق حقيقي ،وخلق باطل؛يقولعن الأخير : وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا " (17) (العنكبوت )
فحقيقة الخلق الحقيقي هي الإيجاد من العد م فالمسيح لم يُوجِد الماء والطين من العدم وإنما حول الطين طيرا...كما حول موسى من الخشب ثعبان بإذن الله ..
يقال في اللغة :هذا النجار خلق من الخشب بابًا ،والمعنى صنع من الخشب بابًا....
ويبقى السؤال : هل يستطيع النجار أن يخلق عودًا من أراك (سواك)؟
الجواب :هذا هو،ويبقى المعنى للخلق هنا هو الصنع ،وهو تحول المادة من صورة لأخرى...لذلك يقول عن نفسه
: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ
ثالثا: إن معجزة الخلق للمسيح من نعم الله عليه ...يقول : إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) (المائدة).
هكذا تذكر الأناجيل أن المسيح قبل أن يقوم بمعجزة كان يدعو الله َ قبلها ،وبعدها يحمد اللهَ عليها ،فكان يذكر نعمة الله عليه دائمًا ...دليل ما سبق فيما يلي:
1-إنجيل يوحنا إصحاح 11 عدد41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعًا، وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ، وَقَالَ:«أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ، لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».
2-إنجيلِ متى إصحاح 11 عدد27كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ.
3-إنجيل يوحنا إصحاح 5 عدد30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
وعليه فمن خلق ما سبق يبين للقاري حقيقة الخلق ،وأن اللهَ متفردٌ بالخلق الحقيقي وهو الإيجاد من العدم ...
الشبهة السابعة عشر شبهة حول قول الله : وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قالوا : نحن فوفقكم أيها المسلمون يوم القيامة ؛لأننا من اتبعنا المسيح الإله ...وذلك بشهادة القران لما قال: وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ(55) (آل عمران)
الرد على الشبهة
أولاً: إننا نحن- المسلمين – أولى الناس بكل الأنبياء منهم عيسي ...تدلل على ذلك أدلة منها:
1-قوله: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) (آل عمران )
2-قوله : قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) (البقرة )
3- قوله: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) (البقرة )
4- قوله : قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) (آل عمران )
5- صحيح مسلم برقم 4362 عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ قَالُوا :كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ فَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِيٌّ ".
ثانيًا : لم يقل عالم من علماءِ المسلمين ، ولا مفسر واحد بقول المعترضين ....تدلل على ذلك عدة تفاسير منها:
1-تفسير الجلاالين: وَجَاعِل الَّذِينَ اتَّبَعُوك" صَدَّقُوا بِنُبُوَّتِك مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّصَارَى "فَوْق الَّذِينَ كَفَرُوا" بِك وَهُمْ الْيَهُود يَعْلُونَهُمْ بِالْحُجَّةِ وَالسَّيْف "إلَى يَوْم الْقِيَامَة ثُمَّ إلَيَّ مَرْجِعكُمْ فَأَحْكُم بَيْنكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ" مِنْ أَمْر الدِّين. أهـ
2-التفسير الميسر: وجاعل الذين اتبعوك أي :على دينك وما جئت به عن الله من الدين ،والبشارة بمحمد rوآمَنوا بمحمد r، بعد بعثته، والتزموا شريعته ظاهرين على الذين جحدوا نبوتك إلى يوم القيامة، ثم إليّ مصيركم جميعًا يوم الحساب، فأفصِل بينكم فيما كنتم فيه تختلفون من أمر عيسى . أهـ
3-تفسير الطبري القول في تأويل قوله : { وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ }
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وجاعل الذين اتبعوك على منهاجِك وملَّتك من الإسلام وفطرته، فوق الذين جحدوا نبوّتك وخالفوا سبيلهم [من] جميع أهل الملل فكذّبوا بما جئت به وصدّوا عن الإقرار به، فمصيِّرهم فوقهم ظاهرين عليهم.
* حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله:"وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة"، هم أهلُ الإسلام الذين اتبعوه على فطرته وملته وسُنته، فلا يزالون ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة.
* حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله:"وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة"، ثم ذكر نحوه.
* حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة"، ثم ذكر نحوه.
1- * حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة"، قال: ناصرُ من اتبعك على الإسلام، على الذين كفروا إلى يوم القيامة.
2- * حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قول الله:"ومطهرك من الذين كفروا"، قال: الذين كفروا من بني إسرائيل ="وجاعل الذين اتبعوك"، قال: الذين آمنوا به من بني إسرائيل وغيرهم ="فوق الذين كفروا"، النصارى فوقَ اليهود إلى يوم القيامة. قال: فليس بلدٌ فيه أحدٌ من النصارى، إلا وهم فوق يهودَ، في شرقٍ ولا غرب، هم في البلدان كلِّها مستذلون. أهـ
إذن من خلال ما سبق يتبين لنا تفسيران؛ فالقرآن الكريم أعظم من أن يُفسر على وجهٍ واحدٍ:
التفسير الأول:إننا نحن -المسلمين- الذي أتبعوه وصدقنا بنبوته ،وببشارته بمحمد r ،ولم نقل عنه أنه اله ،أو أنه ملعون....بل كرمناه كبقية الأنبياء والرسل الكريم...
التفسير الثاني:المقصود النصارى الذين امنوا بالمسيح- التلاميذ وغيرهم- في زمانِه وبعده،ولم يغيروا دينَه ...هم فوق الذين كفروا يوم القيامة أي: فوق اليهودِ الذي كفروا بالمسيح وأرادوا قتله...
وعليه فلم يقل أبدًا واحد من المسلمين أن نصارى اليوم الذي جعلوا من البشر إلها.... فوق المسلمين يومَ القيامةِ...وهذا كافٍ جدا لأبطال الشبهة - بفضل الله -.
ثالثًا: إن المسيح سيتبرأ منك يا من تدعون منكم أتباعه ، وتخرجون باسمه الشياطين إن أتباعه الحقيقيين هم أمة غير اليهود أمة تعمل أثمارها، لها نبي مبشر به من قبلِ المسيح هو محمد r ...تقسيم ما ذكرتُه في مواضع ثلاث:
الوجه الأول: أن المسيح يتبرأ من الذين يزعمون أنهم أتباعه ،ويخرجون الشياطين باسم يسوع...وذلك في انجيل متى إصحاح 7 عدد21«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!
تنبيه : كلمة (يا رب) تعني: يا معلم .
الوجه الثاني : إن أتباعَه الحقيقيين هم أمة غير اليهود أمة تعمل أثمارها... وذلك في إنجيل متى إصحاح 21 عدد43لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ.
الوجه الثالث: نبيُّ مبشر به من قبلِ المسيح هو محمدr ..... وذلك إنجيل يوحنا في الإصحاح 16عدد 13وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ . لا تعليق !
قالوا : إن صومَ وصبر المسيح يدل على ألوهيتِه ....ويستشهدون على قولهم بهذا النصِ الوارد في إنجيلِ متى إصحاح 4 عدد2فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا.
الرد على الشبهة
أولاً:إذا كان النصُ يدل على ألوهيتِه لأنه صام وصبر فإن جوعَه يكذبه ، ويدلل على بشريته ونبوتِه.... هذا واضحٌ من النص ذاته: " جَاعَ أَخِيرًا " !
ثانيًا :إن الكتابَ المقدس يذكر لنا أن بعضَ الأنبياءِ - عليهم السلام - صاموا وصبروا نفس المدة التي صام فيها يسوعُ أربعين نهاراً وأربعين ليلة فهل معنى ذلك أن هؤلاء الأنبياء كانوا آلهةً مثله...؟!
جاء ما ذكرتُ في عدةِ مواضعٍ منها :
1- موسى أقام على جبل سيناء أربعين نهاراً وأربعين ليلة دون أكلٍ وشربٍ ... وذلك في سفر التثنية إصحاح 9 عدد9حِينَ صَعِدْتُ إِلَى الْجَبَلِ لِكَيْ آخُذَ لَوْحَيِ الْحَجَرِ، لَوْحَيِ الْعَهْدِ الَّذِي قَطَعَهُ الرَّبُّ مَعَكُمْ، أَقَمْتُ فِي الْجَبَلِ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً لاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً.
2-إيليا النبي صام أربعين نهاراً وأربعين ليلة بعد أن أكل أكلةً واحدةً .....وذلك في سفر الملوك الأول إصحاح19 عدد7ثُمَّ عَادَ مَلاَكُ الرَّبِّ ثَانِيَةً فَمَسَّهُ وَقَالَ: «قُمْ وَكُلْ، لأَنَّ الْمَسَافَةَ كَثِيرَةٌ عَلَيْكَ». 8فَقَامَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ، وَسَارَ بِقُوَّةِ تِلْكَ الأَكْلَةِ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً إِلَى جَبَلِ اللهِ حُورِيبَ.
ثالثًا: إن اللهَ قويٌّ عزيزُ لا يتعب ولا يكل ولا يمل ، لا يجوع فهو الصمد الذي لا جوف له ...هذه هي صفات الإله الحقيقي بحقٍ ،جاءت هذه الصفاتُ الطيبة في عدةِ مواضع منها:
1-قوله : كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) (المجادلة ).
2-قوله : مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) (الحج ).
3-قوله : اللَّهُ الصَّمَدُ (2) (الإخلاص ).
قال ابنُ كثيرٍ في تفسيره : قوله: { اللَّهُ الصَّمَدُ } قال عكرمة، عن ابن عباس: يعني الذي يصمد الخلائق إليه في حوائجهم ومسائلهم. وقال عكرمة: { الصَّمَدُ } الذي لم يخرج منه شيء ولا يطعم . أهـ بتصرف.
4- سفرِ إشعياء إصحاح 40 عدد28أَمَا عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَسْمَعْ؟ إِلهُ الدَّهْرِ الرَّبُّ خَالِقُ أَطْرَافِ الأَرْضِ لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَعْيَا. لَيْسَ عَنْ فَهْمِهِ فَحْصٌ. 29يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً. 30اَلْغِلْمَانُ يُعْيُونَ وَيَتْعَبُونَ، وَالْفِتْيَانُ يَتَعَثَّرُونَ تَعَثُّرًا. 31وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ. يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ.
5- سفرِ إشعياء إصحاح 50 عدد2لِمَاذَا جِئْتُ وَلَيْسَ إِنْسَانٌ، نَادَيْتُ وَلَيْسَ مُجِيبٌ؟ هَلْ قَصَرَتْ يَدِي عَنِ الْفِدَاءِ؟ وَهَلْ لَيْسَ فِيَّ قُدْرَةٌ لِلإِنْقَاذِ؟ هُوَذَا بِزَجْرَتِي أُنَشِّفُ الْبَحْرَ. أَجْعَلُ الأَنْهَارَ قَفْرًا. يُنْتِنُ سَمَكُهَا مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ، وَيَمُوتُ بِالْعَطَشِ. 3أُلْبِسُ السَّمَاوَاتِ ظَلاَمًا، وَأَجْعَلُ الْمِسْحَ غِطَاءَهَا».
6- سفر إرمياء إصحاح 10 عدد10أَمَّا الرَّبُّ الإِلهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ. مِنْ سُخْطِهِ تَرْتَعِدُ الأَرْضُ، وَلاَ تَطِيقُ الأُمَمُ غَضَبَهُ.
7- سفر القضاة إصحاح 5 عدد 5تَزَلْزَلَتِ الْجِبَالُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ، وَسِينَاءُ هذَا مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ.
سبق أن بيّنتُ أن النص ذاته يدل على بشريته ونبوته وضعفه حيث يقول(النص) : " جَاعَ أَخِيرًا "!
وجاء النص في إنجيل لوقا إصحاح 4 عدد1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيرًا.
نلاحظ " وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيرًا "!
وتوضح نصوص الأناجيل ضعفَه الاله – يسوع- في عدة مواضع منها :
1- إنجيل مرقس إصحاح 11 عدد12وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ، 13فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. 14فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا:«لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُون.
نلاحظ :أنه جاع فذهب لشجرة التين وهو لا يعلم موسم إنباتها فلم يجد فيها طعام فلعنها ...!
2-إنجيل لوقا إصحاح 8 عدد23وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ نَامَ. فَنَزَلَ نَوْءُ رِيحٍ فِي الْبُحَيْرَةِ، وَكَانُوا يَمْتَلِئُونَ مَاءً وَصَارُوا فِي خَطَرٍ.24فَتَقَدَّمُوا وَأَيْقَظُوهُ قَائِلِينَ:«يَا مُعَلِّمُ، يَا مُعَلِّمُ، إِنَّنَا نَهْلِكُ!».
نلاحظ أنه كان نائمًا متعبًا..!
3-إنجيل يوحنا إصحاح 4 عدد6وَكَانَتْ هُنَاكَ بِئْرُ يَعْقُوبَ. فَإِذْ كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ السَّفَرِ، جَلَسَ هكَذَا عَلَى الْبِئْرِ، وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ.
نلاحظ :أنه تعب من السفر فجلس يستريح...!
4-إنجيل يوحنا إصحاح 8 عدد59فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازًا فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هكَذَا .
نلاحظ: أنه هرب من اليهودِ خوفًا من أن يرجموه بالحجارة !!
5-إنجيل لوقا إصحاح 22عدد43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.
نلاحظ : أنه كان يصلِّ للهِ، ويدعوه لينجيه من اليهود فستجاب اللهُ له بإرسال ملاكً ليقويه...!
وبعد هذا العرض أتساءل :هل هذه الصفات تنطبق على اللهِ ؟!
وكيف يحق بعد ذلك للمعترضين أن يقولوا بأن المسيحَ هو الله..... ؟!
الشبهة الثالثة عشر : قالوا المسيح يرسل الرسل،وهذا دليل على ألوهيته....
زعموا أن المسيح اله ؛لأنه أرسل رسولاً باسمه إلي البلاد... والقرآن يذكر ذلك في سورةِ يس قائلاً: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19) وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ
زعموا أن القرية أنطاقية ، والرسل كانوا رسلَ المسيح وهذا يدل على ألوهيته...
الرد على الشبهة
أولاً: إن تعريفنا لرسول الله أنه يأتي بشريعةِ جديدة… فكلُّ رسولٍ نبي وليس كلُّ نبيٍّ رسول ...فكانت رسالة المسيح هي أنه يحل لليهود ما حرم عليهم ... يقول : وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) (آل عمران)
ويبقى السؤال :ما هي رسالة رسل المسيح الجديدة التي أتى بها ،مثل التشريعات ......وهل هذا دليل ألوهية...؟!
ثانيًا:إن القرآن ينفي زعمهم الذي فيه أن الرسل رسل يسوع المسيح أرسلهم باسمه؛لأن القرآن يذكر أن المرسل هو الله ،وليس غيره ،تدلل على ذلك الآيات نفسها كما يلي:
1- قوله: إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14)
نلاحظ أن الذي أرسل الرسولين الله ...
2- قوله: قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15)
نلاحظ أن هل القرية سموا من ارسلهم بالرحمن ومن المعلوم أنه اسم لله وحده ،ولم يتسمي به المسيح يوما ما...
3- قوله: قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17)
نلاحظ أن الرسل بينوا لأصحاب القرية أنه ما عليهم إلا إبلاغ رسالة ربِّهم ...وهذا يؤيد ما سبق ذكره...
إن قيل :إن بعض التفاسير ذكرت أن الرسلَ كانوا رسل المسيح كما يلي:
1-تفسير ابن كثير: وزعم قتادة بن دعامة: أنهم كانوا رسل المسيحإلى أهل أنطاكية. أهـ
2- تفسير القرطبي : وقيل: إن عيسى بعثهم إلى أنطاكية للدعاء إلى الله....أضاف الرب ذلك إلى نفسه، لأن عيسى أرسلهما بأمر الرب، وكان ذلك حين رفع عيسى إلى السماء. أهـ
قلتُ:إن الملاحظ من تفسير ابنِ كثير قوله:" زعم قتادة " ،والزعم هو الادعاء بالباطل.....
والملاحظ من تفسير القرطبي أن عيسى أرسلهما بأمر الربِّ كما كان من محمدٍ r يرسل رسلا للملوك....كما سيتقدم معنا - إن شاء الله-
وقد نفى ابنُ تيميةَ ما جاء في بعض كتب التفاسير بهذا الشأن ،وذلك في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح قائلاً: ويقال: إن إنطاكية أول المدائن الكبار الذين آمنوا بالمسيح وذلك بعد رفعه إلى السماء ولكن ظن من ظن من المفسرين أن المذكورين في القرآن هم رسل المسيح وهم من الحواريين وهذا غلط لوجوه...أهـ
ثالثا:إنني افترض جدلاً أن الرسلَ هم رسلُ المسيح أرسلهم إلى قرية أنطاقية ...
أتساءل :هل هذا دليل على ألوهية كما يزعم المنصرون.....؟!
الجواب :ليس هذا دليلاً على ألوهيته؛ لأن محمدًا r كان يرسل رسلاً باسمه ،وكذلك أنبياء الكتاب المقدس...
أولاً: أكتفي بما جاء في زادِ الميعاد لابن القيم - رحمه الله- كما يلي:
فصل في كتبه ورسله r إلى الملوك (ج1 /ص 116 ).
لما رجع من الحديبية كتب إلى ملوك الأرض وأرسل إليهم رسله فكتب إلى ملك الروم فقيل له : إنهم لا يقرؤون كتابا إلا إذا كان مختوما فاتخذ خاتما من فضة ونقش عليه ثلاثة أسطر : محمد سطر ورسول سطر والله سطر وختم به الكتب إلى الملوك وبعث ستة نفر في يوم واحد في المحرم سنة سبع
فأولهم عمرو بن أمية الضمري بعثه إلى النجاشي واسمه أصحمة بن أبجر وتفسير [ أصحمة ] بالعربية : عطية فعظم كتاب النبي r ثم أسلم وشهد شهادة الحق وكان من أعلم الناس بالإنجيل وصلى عليه النبي r يوم مات بالمدينة وهو بالحبشة هكذا قال جماعة منهم الواقدي وغيره وليس كما قال هؤلاء فإن أصحمة النجاشي الذي صلى عليه رسول الله r ليس هو الذي كتب إليه هذا الثاني لا يعرف إسلامه بخلاف الأول فإنه مات مسلما وقد روى مسلم في صحيحه من حديث قتادة عن أنس قال : كتب رسول الله r إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله تعالى وليس بالنجاشي الذي صلى عليه رسول الله rوقال أبو محمد بن حزم : إن هذا النجاشي الذي بعث إليه رسول الله rعمرو بن أمية الضمري لم يسلم والأول هو اختيار أبا سعد وغيره والظاهر قول ابن حزم
وبعث دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر ملك الروم واسمه هرقل وهم بالإسلام وكاد ولم يفعل وقيل : بل أسلم وليس بشئ .
وقد روى أبو حاتم ابن حبان في صحيحه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله r: [ من ينطلق بصحيفتي هذه إلى قيصر وله الجنة ؟ فقال رجل من القوم : وإن لم يقبل ؟ قال : وإن لم يقبل فوافق قيصر وهو يأتي بيت المقدس قد جعل عليه بساط لا يمشي عليه غيره فرمى بالكتاب على البساط وتنحى فلما انتهى قيصر إلى الكتاب أخذه فنادى قيصر : من صاحب الكتاب ؟ فهو آمن فجاء الرجل فقال : أنا قال : فإذا قدمت فأتني فلما قدم أتاه فأمر قيصر بأبواب قصره فغلقت ثم أمر مناديا ينادي : ألا إن قيصر قد اتبع محمدا وترك النصرانية فأقبل جنده وقد تسلحوا حتى أطافوا به فقال لرسول رسول الله r : قد ترى أني خائف على مملكتي ثم أمر مناديه فنادى : ألا إن قيصر قد رضي عنكم وإنما اختبركم لينظر كيف صبركم على دينكم فارجعوا فانصرفوا وكتب إلى رسول الله r: إني مسلم وبعث إليه بدنانير فقال رسول الله r: كذب عدو الله ليس بمسلم وهو على النصرانية ] وقسم الدنانير
وبعث عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى واسمه أبرويز بن هرمز ابن أنوشروان فمزق كتاب النبي r فقال النبي r: [ اللهم مزق ملكه ] فمزق الله ملكه وملك قومه
وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس واسمه جريج بن ميناء ملك الإسكندرية عظيم القبط فقال خيرا وقارب الأمر ولم
يسلم وأهدى للنبي r مارية وأختيها سيرين وقيسرى فتسرى مارية ووهب سيرين لحسان بن ثابت وأهدى له جارية أخرى وألف مثقال ذهبا وعشرين ثوبا من قباطي مصر وبغلة شهباء وهي دلدل وحمارا أشهب وهو عفير وغلاما خصيا يقال له : مابور وقيل : هو ابن عم مارية وفرسا وهو اللزاز وقدحا من زجاج وعسلا فقال النبيr: [ ضن الخبيث بملكه ]
وبعث شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء قاله ابن إسحاق والواقدي قيل : إنما توجه لجبلة بن الأيهم وقيل : توجه لهما معا وقيل : توجه لهرقل مع دحية بن خليفة والله أعلم وبعث سليط بن عمرو إلى هوذة بن علي الحنفي باليمامة فأكرمه وقيل : بعثه إلى هوذة وإلى ثمامة بن أثال الحنفي فلم يسلم هوذة وأسلم ثمامة بعد ذلك فهؤلاء الستة قيل : هم الذين بعثهم رسول الله r في يوم واحد .
وبعث عمرو بن العاص في ذي القعدة سنة ثمان إلى جيفر وعبد الله ابني الجلندى الأزديين بعمان فأسلما وصدقا وخليا بين عمرو وبين الصدقة والحكم فيما بينهم فلم يزل فيما بينهم حتى بلغته وفاة رسول الله r وبعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين قبل منصرفه من الجعرانة وقيل : قبل الفتح فأسلم وصدق.
وبعث المهاجر بن أبي أمية المخزومي إلى الحارث بن عبد كلال الحميري باليمن فقال : سأنظر في أمري
وبعث أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن عند انصرافه من تبوك وقيل : بل سنة عشر من ربيع الأول داعيين إلى الإسلام فأسلم عامة أهلها طوعا من غير قتال
ثم بعث بعد ذلك علي بن أبي طالب إليهم ووافاه بمكة في حجة الوداع
وبعث جرير بن عبد الله البجلي إلى ذي الكلاع الحميري وذي عمرو يدعوهما إلى الإسلام فأسلما وتوفي رسول الله r وجرير عندهم وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى مسيلمة الكذاب بكتاب وكتب إليه بكتاب آخر مع السائب بن العوام أخي الزبير فلم يسلم
وبعث إلى فروة بن عمرو الجذامي يدعوه إلى الإسلام وقيل : لم يبعث إليه وكان فروة عاملا لقيصر بمعان فأسلم وكتب إلى النبي r بإسلامه وبعث إليه هدية مع مسعود بن سعد وهي بغلة شهباء يقال لها : فضة وفرس يقال لها : الظرب وحمار يقال له : يعفور كذا قاله جماعة والظاهر - والله أعلم - أن عفيرا ويعفور واحد عفير تصغير يعفور تصغير الترخيم
وبعث أثوابا وقباء من سندس مخوض بالذهب فقبل هديته ووهب لمسعود بن سعد اثنتي عشرة أوقية ونشا .
وبعث عياش بن أبي ربيعة المخزومي بكتاب إلى الحارث ومسروح ونعيم بني عبد كلال من حمير .أهـ
ثانيًا: الكتاب المقدس فيه بيان لما سبق ذكره في الآتي:
1- سفر التكوين إصحاح 32 عدد3وَأَرْسَلَ يَعْقُوبُ رُسُلاً قُدَّامَهُ إِلَى عِيسُوَ أَخِيهِ إِلَى أَرْضِ سَعِيرَ بِلاَدِ أَدُومَ، 4وَأَمَرَهُمْ قَائِلاً: «هكَذَا تَقُولُونَ لِسَيِّدِي عِيسُوَ: هكَذَا قَالَ عَبْدُكَ يَعْقُوبُ: تَغَرَّبْتُ عِنْدَ لاَبَانَ وَلَبِثْتُ إِلَى الآنَ. 5وَقَدْ صَارَ لِي بَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَغَنَمٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ. وَأَرْسَلْتُ لأُخْبِرَ سَيِّدِي لِكَيْ أَجِدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ».
6فَرَجَعَ الرُّسُلُ إِلَى يَعْقُوبَ قَائِلِينَ: «أَتَيْنَا إِلَى أَخِيكَ، إِلَى عِيسُو، وَهُوَ أَيْضًا قَادِمٌ لِلِقَائِكَ، وَأَرْبَعُ مِئَةِ رَجُل مَعَهُ». 7فَخَافَ يَعْقُوبُ جِدًّا وَضَاقَ بِهِ الأَمْرُ، فَقَسَمَ الْقَوْمَ الَّذِينَ مَعَهُ وَالْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَالْجِمَالَ إِلَى جَيْشَيْنِ. 8وَقَالَ: «إِنْ جَاءَ عِيسُو إِلَى الْجَيْشِ الْوَاحِدِ وَضَرَبَهُ، يَكُونُ الْجَيْشُ الْبَاقِي نَاجِيًا».
وأتساءل: هل يعقوب اله لنه أرسل رسلاً لعيسوا....
2-سفر التكوين إصحاح 41 عدد14فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَدَعَا يُوسُفَ، فَأَسْرَعُوا بِهِ مِنَ السِّجْنِ. فَحَلَقَ وَأَبْدَلَ ثِيَابَهُ وَدَخَلَ عَلَى فِرْعَوْنَ.
وأتساءل: هل فرعون إله لأنه أرسل رسلاً ليوسف...؟
3- سفر العدد إصحاح 13 عدد3فَأَرْسَلَهُمْ مُوسَى مِنْ بَرِّيَّةِ فَارَانَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. كُلُّهُمْ رِجَالٌ هُمْ رُؤَسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، 4وَهذِهِ أَسْمَاؤُهُمْ: مِنْ سِبْطِ رَأُوبَيْنَ شَمُّوعُ بْنُ زَكُّورَ. 5مِنْ سِبْطِ شِمْعُونَ شَافَاطُ ابْنُ حُورِي. 6مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا كَالِبُ بْنُ يَفُنَّةَ. 7مِنْ سِبْطِ يَسَّاكَرَ يَجْآلُ بْنُ يُوسُفَ. 8مِنْ سِبْطِ أَفْرَايِمَ هُوشَعُ بْنُ نُونَ. 9مِنْ سِبْطِ بَنْيَامِينَ فَلْطِي بْنُ رَافُو. 10مِنْ سِبْطِ زَبُولُونَ جَدِّيئِيلُ بْنُ سُودِي. 11مِنْ سِبْطِ يُوسُفَ: مِنْ سِبْطِ مَنَسَّى جِدِّي بْنُ سُوسِي. 12مِنْ سِبْطِ دَانَ عَمِّيئِيلُ بْنُ جَمَلِّي. 13مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ سَتُورُ بْنُ مِيخَائِيلَ. 14مِنْ سِبْطِ نَفْتَالِي نَحْبِي بْنُ وَفْسِي. 15مِنْ سِبْطِ جَادَ جَأُوئِيلُ بْنُ مَاكِي. 16هذِهِ أَسْمَاءُ الرِّجَالِ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ مُوسَى لِيَتَجَسَّسُوا الأَرْضَ. وَدَعَا مُوسَى هُوشَعَ بْنَ نُونَ «يَشُوعَ».
17فَأَرْسَلَهُمْ مُوسَى لِيَتَجَسَّسُوا أَرْضَ كَنْعَانَ، وَقَالَ لَهُمُ: «اصْعَدُوا مِنْ هُنَا إِلَى الْجَنُوبِ وَاطْلَعُوا إِلَى الْجَبَلِ، 18وَانْظُرُوا الأَرْضَ، مَا هِيَ: وَالشَّعْبَ السَّاكِنَ فِيهَا، أَقَوِيٌّ هُوَ أَمْ ضَعِيفٌ؟ قَلِيلٌ أَمْ كَثِيرٌ؟ 19وَكَيْفَ هِيَ الأَرْضُ الَّتِي هُوَ سَاكِنٌ فِيهَا، أَجَيِّدَةٌ أَمْ رَدِيئَةٌ؟ وَمَا هِيَ الْمُدُنُ الَّتِي هُوَ سَاكِنٌ فِيهَا، أَمُخَيَّمَاتٌ أَمْ حُصُونٌ؟ 20وَكَيْفَ هِيَ الأَرْضُ، أَسَمِينَةٌ أَمْ هَزِيلَةٌ؟ أَفِيهَا شَجَرٌ أَمْ لاَ؟ وَتَشَدَّدُوا فَخُذُوا مِنْ ثَمَرِ الأَرْضِ». وَأَمَّا الأَيَّامُ فَكَانَتْ أَيَّامَ بَاكُورَاتِ الْعِنَبِ.
وأتساءل :هل كان موسى إلها لنه أرسل رجالاً...
4- سفر العدد إصحاح 21 عدد21وَأَرْسَلَ إِسْرَائِيلُ رُسُلاً إِلَى سِيحُونَ مَلِكِ الأَمُورِيِّينَ قَائِلاً: 22«دَعْنِي أَمُرَّ فِي أَرْضِكَ. لاَ نَمِيلُ إِلَى حَقْل وَلاَ إِلَى كَرْمٍ وَلاَ نَشْرَبُ مَاءَ بِئْرٍ. فِي طَرِيقِ الْمَلِكِ نَمْشِي حَتَّى نَتَجَاوَزَ تُخُومَكَ».
إذن نفهم مما سبق: أن الرسول هو الذي يحمل برسالة من المرسل إلى المرسل إليه...وهذا ليس دليل ألوهية...
الشبهة الرابعة عشر :قالوا:المسيحُ في السماءِ يجلس عن يمينِ الآب (الله)،وهذا دليل ألوهيته...
قالوا : إن المسيحَ رُفع إلى السماءِ يجلس عن يمينِ الأب (الله ) ...جاء ذلك في عدة مواضع من الكتاب المقدس منها ما قاله بولس الرسول في رسالته إلى أهل كولوسي إصحاح 3 عدد1فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ.
الرد على الشبهة
أولاً: إن رفعَ المسيح إلى السماء وجلوسه عن يمين الله ليس دليلاً على ألوهيته ؛ وإنما دليل علي نبوتِه كشأن غيره من الأنبياء الذي صعدوا إلى السماء بجانب ربِّهم،وذلك بحسب ما جاء في الكتاب المقدس في موضعين :
الأول :نبيُّ اللهِ أخنوخ (إدريس ) أصعد إلى السماء ،وذلك في سفر التكوين إصحاح 5 عدد24وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ.
الثاني :نبيُّ اللهِ إيليا (إليسع) صعد إلى السماء ، وذلك في سفر الملوك الثاني إصحاح 2 عدد 11وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَكَلَّمَانِ إِذَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ وَخَيْلٌ مِنْ نَارٍ فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ.
نلاحظ من خلال ما سبق: أن النبيين - عليهما السلام - ُرفعا إلى الله دون صلبٍ، أو إهانةٍ من أعدائهما بخلاف كما فُعِل بيسوع المسيح بزعم الأناجيل حيث تقول :إنه ضُرِب ،وبُصِق في وجهه،وسُخر منه .... وذلك في إنجيل متى إصحاح26 عدد 67حِينَئِذٍ بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ، وَآخَرُونَ لَطَمُوهُ 68قَائِلِينَ:«تَنَبَّأْ لَنَا أَيُّهَا الْمَسِيحُ، مَنْ ضَرَبَكَ؟»...لا تعليق!
ثانيًا :إن هناك نصًا فاصلا ً يبطل أدعاء مثيري الشبهة ،هو ما جاء في إنجيل لوقا إصحاح 22 عدد66وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ اجْتَمَعَتْ مَشْيَخَةُ الشَّعْبِ: رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ، وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ 67قَائِلِينَ:«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمسِيحَ، فَقُلْ لَنَا!». فَقَالَ لَهُمْ:«إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ، 68وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ تُطْلِقُونَنِي. 69مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ».
نلاحظ 69مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ». ولم يقل : الله جالساً عن يمين قوة الله ؛إنما قال ابن الإنسان- قصد يسوع- أي: النبي المكرم ... وهذا يكفي لإبطال الشبهة - بفضل اللهِ –
فلا يوجد دليلٌ واحدٌ من الأناجيل يقول:إن يسوع لاهوت كامل...
الشبهة الخامسة عشر: المسيح إله بنص آية من القران...!
هكذا زعموا مستدلين على زعمهم بقوله : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) (التوبة )
الرد على الشبهة
أولاً:إن كلمة المسيح منصوبة معطوفة على الأحبار والرهبان، والمعنى: أن هؤلاء عبدوا الأحبار(علماء اليهود)والرهبان(عباد النصارى) والمسيحَ ابن مريم ،وما كان لهم إلا ليعبدوا إلها واحدًا رب السماوات والأرض؛ ليس الأحبار في أطاعة أوامرهم دون تدبر ،والرهبان ،والمسيح ...تدلل على ذلك عدة أدلة منها:
1-تفسير النبي r للآية وهو ما ثبت في الآتي:
أ- سنن الترمذي برقم 3020 عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ :أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى r وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ.وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ :{ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ }
قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ.
ب- سنن البيهقي برقم 20847 عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ -رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِىَّ rوَفِى عُنُقِى صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُاتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) قَالَ :قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ. قَالَ :« أَجَلْ وَلَكِنْ يُحِلُّونَ لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيَسْتَحِلُّونَهُ وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَيُحَرِّمُونَهُ فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ لَهُمْ ».
2- التفسير الميسر: اتخذ اليهودُ والنصارى العلماءَ والعُبَّادَ أربابًا يُشَرِّعون لهم الأحكام، فيلتزمون بها ويتركون شرائع الله، واتخذوا المسيح عيسى ابن مريم إلهًا فعبدوه، وقد أمرهم الله بعبادته وحده دون غيره، فهو الإله الحق لا إله إلا هو. تنزَّه وتقدَّس عما يفتريه أهل الشرك والضلال.
تفسير البغوي: { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا } أي: علماءهم وقرّاءهم، والأحبار: العلماء، وأحدها حِبر، وهو يقرأ: { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ } حتى فرغ منها، قلت له: إنّا لسنا نعبدهم، فقال: "أليس يُحرمون ما أحلّ الله فتحرمونه ويحلّون ما حرّم الله فتستحلونه"؟ قال قلت: بلى، قال: "فتلك عبادتهم" .
قال عبد الله بن المبارك: وهل بدل الدين إلا الملوك ... وأحبار سوء ورهبانها{ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ } أي: اتخذوه إلها، { وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } .
ثانيًا: كان على المعترضين أن ينظروا إلى تتمةِ الآيةِ حتى يزول ما في عقولهم من أوهام ...فتتمتها تتقول: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)
والمعنى: وَمَا أُمِرُوا" فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل "إلَّا لِيَعْبُدُوا""إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَه إلَّا هُوَ سُبْحَانه" تَنْزِيهًا لَهُ مما قد فعلوا من عبادة الأحبار والرهبان والمسيح...
إذن من خلال ما سبق ينتفي تمامًا المعنى المراد من زعم المعترضين...- بفضل الله -
ثانيًا:إن الأناجيل تنص صراحة على نبوة المسيح ،وان هناك من بدل دينة ،والأناجيل خير شاهد على ذلك ...تدلل على ذلك عدة نصوص منها:
1- المسيحُ ينفي عقيدةَ التثليثِ ، وألوهيته وبنوته .... وذلك في إنجيل يوحنا إصحاح 17 عدد3وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.
2-:شهادة بطرس الرسول أنه رسولٌ من عندِ اللهِ.... وذلك في
سفر أعمالِ الرسلِ إصحاح 2 عدد22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسْطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ.
قلتُ: لم قل واحدٌ منهم قط :إن المسيحَ إلهٌ...
3-:شهادة الجموع الذين عاصروه على تدل أنه رسولٌ من عند اللهِ ،وذلك من الآتي:
1-إنجيل متى إصحاح 21 عدد10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً:«مَنْ هذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ:«هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».
2-إنجيل يوحنا إصحاح 4 عدد19قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ:«يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ!
3-إنجيل يوحنا إصحاح 4 عدد43وَبَعْدَ الْيَوْمَيْنِ خَرَجَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى الْجَلِيلِ، 44لأَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ شَهِدَ أَنْ:«لَيْسَ لِنَبِيٍّ كَرَامَةٌ فِي وَطَنِهِ».
4-إنجيل يوحنا إصحاح 6 عدد 14فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا:«إِنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ!»
5-إنجيل يوحنا إصحاح 7 عدد 40فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هذَا الْكَلاَمَ قَالُوا:«هذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ».
6-إنجيل يوحنا إصحاح 9 عدد 17 قَالُوا أَيْضًا لِلأَعْمَى:«مَاذَا تَقُولُ أَنْتَ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ فَتَحَ عَيْنَيْكَ؟» فَقَالَ:«إِنَّهُ نَبِيٌّ!».
وأما الذين بدلوا دينه فالحديث عنهم يطول لأن ذلك يتعلق بما حدث في المجامع في طبيعة المسيح وغيرها....
الشبهة السادسة عشر شبهة حول قوله الله فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.
زعموا: أن ربَّ العالمين يخلق ،وهناك من يخلق مثله ؛مثل المسيح ...ولكنه أحسن في الخلق...فهل الخلق من خصوصيات الله وحده أم غيره مثل المسيح ...؟
تعلقوا على ذلك بما جاء في الآتي:
1-قوله : فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) (المؤمنون)
2-قوله : أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) (الصافات)
الرد على الشبهة
أولا: إن حقيقة الخلق على نوعين :خلق مطلق ،وخلق مقيد.
والأخير كما خلق موسى من العصا ثعبانًا، وخلق المسيحُ من الطينِ طيرًا..
وهذا الخلق يكون بإذن منه : وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ،وقال: وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ48 (آل عمرا ن)
إذن معنى الخلق المقيد هو: أن المخلوق لا يخلق شيئًا إلا بإذن الله ،وهذا واضح من الآيات السابقة... لذلك يقول الله عن نفسه: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.
ثانيا: إن هناك خلق حقيقي ،وخلق باطل؛يقولعن الأخير : وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا " (17) (العنكبوت )
فحقيقة الخلق الحقيقي هي الإيجاد من العد م فالمسيح لم يُوجِد الماء والطين من العدم وإنما حول الطين طيرا...كما حول موسى من الخشب ثعبان بإذن الله ..
يقال في اللغة :هذا النجار خلق من الخشب بابًا ،والمعنى صنع من الخشب بابًا....
ويبقى السؤال : هل يستطيع النجار أن يخلق عودًا من أراك (سواك)؟
الجواب :هذا هو،ويبقى المعنى للخلق هنا هو الصنع ،وهو تحول المادة من صورة لأخرى...لذلك يقول عن نفسه
: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ
ثالثا: إن معجزة الخلق للمسيح من نعم الله عليه ...يقول : إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) (المائدة).
هكذا تذكر الأناجيل أن المسيح قبل أن يقوم بمعجزة كان يدعو الله َ قبلها ،وبعدها يحمد اللهَ عليها ،فكان يذكر نعمة الله عليه دائمًا ...دليل ما سبق فيما يلي:
1-إنجيل يوحنا إصحاح 11 عدد41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعًا، وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ، وَقَالَ:«أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ، لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».
2-إنجيلِ متى إصحاح 11 عدد27كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ.
3-إنجيل يوحنا إصحاح 5 عدد30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
وعليه فمن خلق ما سبق يبين للقاري حقيقة الخلق ،وأن اللهَ متفردٌ بالخلق الحقيقي وهو الإيجاد من العدم ...
الشبهة السابعة عشر شبهة حول قول الله : وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قالوا : نحن فوفقكم أيها المسلمون يوم القيامة ؛لأننا من اتبعنا المسيح الإله ...وذلك بشهادة القران لما قال: وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ(55) (آل عمران)
الرد على الشبهة
أولاً: إننا نحن- المسلمين – أولى الناس بكل الأنبياء منهم عيسي ...تدلل على ذلك أدلة منها:
1-قوله: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) (آل عمران )
2-قوله : قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) (البقرة )
3- قوله: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) (البقرة )
4- قوله : قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) (آل عمران )
5- صحيح مسلم برقم 4362 عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ قَالُوا :كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ فَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِيٌّ ".
ثانيًا : لم يقل عالم من علماءِ المسلمين ، ولا مفسر واحد بقول المعترضين ....تدلل على ذلك عدة تفاسير منها:
1-تفسير الجلاالين: وَجَاعِل الَّذِينَ اتَّبَعُوك" صَدَّقُوا بِنُبُوَّتِك مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّصَارَى "فَوْق الَّذِينَ كَفَرُوا" بِك وَهُمْ الْيَهُود يَعْلُونَهُمْ بِالْحُجَّةِ وَالسَّيْف "إلَى يَوْم الْقِيَامَة ثُمَّ إلَيَّ مَرْجِعكُمْ فَأَحْكُم بَيْنكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ" مِنْ أَمْر الدِّين. أهـ
2-التفسير الميسر: وجاعل الذين اتبعوك أي :على دينك وما جئت به عن الله من الدين ،والبشارة بمحمد rوآمَنوا بمحمد r، بعد بعثته، والتزموا شريعته ظاهرين على الذين جحدوا نبوتك إلى يوم القيامة، ثم إليّ مصيركم جميعًا يوم الحساب، فأفصِل بينكم فيما كنتم فيه تختلفون من أمر عيسى . أهـ
3-تفسير الطبري القول في تأويل قوله : { وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ }
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وجاعل الذين اتبعوك على منهاجِك وملَّتك من الإسلام وفطرته، فوق الذين جحدوا نبوّتك وخالفوا سبيلهم [من] جميع أهل الملل فكذّبوا بما جئت به وصدّوا عن الإقرار به، فمصيِّرهم فوقهم ظاهرين عليهم.
* حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله:"وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة"، هم أهلُ الإسلام الذين اتبعوه على فطرته وملته وسُنته، فلا يزالون ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة.
* حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله:"وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة"، ثم ذكر نحوه.
* حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة"، ثم ذكر نحوه.
1- * حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة"، قال: ناصرُ من اتبعك على الإسلام، على الذين كفروا إلى يوم القيامة.
2- * حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قول الله:"ومطهرك من الذين كفروا"، قال: الذين كفروا من بني إسرائيل ="وجاعل الذين اتبعوك"، قال: الذين آمنوا به من بني إسرائيل وغيرهم ="فوق الذين كفروا"، النصارى فوقَ اليهود إلى يوم القيامة. قال: فليس بلدٌ فيه أحدٌ من النصارى، إلا وهم فوق يهودَ، في شرقٍ ولا غرب، هم في البلدان كلِّها مستذلون. أهـ
إذن من خلال ما سبق يتبين لنا تفسيران؛ فالقرآن الكريم أعظم من أن يُفسر على وجهٍ واحدٍ:
التفسير الأول:إننا نحن -المسلمين- الذي أتبعوه وصدقنا بنبوته ،وببشارته بمحمد r ،ولم نقل عنه أنه اله ،أو أنه ملعون....بل كرمناه كبقية الأنبياء والرسل الكريم...
التفسير الثاني:المقصود النصارى الذين امنوا بالمسيح- التلاميذ وغيرهم- في زمانِه وبعده،ولم يغيروا دينَه ...هم فوق الذين كفروا يوم القيامة أي: فوق اليهودِ الذي كفروا بالمسيح وأرادوا قتله...
وعليه فلم يقل أبدًا واحد من المسلمين أن نصارى اليوم الذي جعلوا من البشر إلها.... فوق المسلمين يومَ القيامةِ...وهذا كافٍ جدا لأبطال الشبهة - بفضل الله -.
ثالثًا: إن المسيح سيتبرأ منك يا من تدعون منكم أتباعه ، وتخرجون باسمه الشياطين إن أتباعه الحقيقيين هم أمة غير اليهود أمة تعمل أثمارها، لها نبي مبشر به من قبلِ المسيح هو محمد r ...تقسيم ما ذكرتُه في مواضع ثلاث:
الوجه الأول: أن المسيح يتبرأ من الذين يزعمون أنهم أتباعه ،ويخرجون الشياطين باسم يسوع...وذلك في انجيل متى إصحاح 7 عدد21«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!
تنبيه : كلمة (يا رب) تعني: يا معلم .
الوجه الثاني : إن أتباعَه الحقيقيين هم أمة غير اليهود أمة تعمل أثمارها... وذلك في إنجيل متى إصحاح 21 عدد43لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ.
الوجه الثالث: نبيُّ مبشر به من قبلِ المسيح هو محمدr ..... وذلك إنجيل يوحنا في الإصحاح 16عدد 13وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ . لا تعليق !
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى