رد شبهة: نبيٌّ يقول: المرأةُ كالحمارِ والكلبِ الأسود !
الخميس ديسمبر 21, 2017 12:09 am
رد شبهة: نبيٌّ يقول: المرأةُ كالحمارِ والكلبِ الأسود !
زعموا أن النبي محمدًا أخبر أن المرأةَ كالحمارِ، والكلبِ الأسود ...
وبعد زعمهم قالوا: هل هذا كلام يخرج من نبيٍّ مرسل من عند الله؟!
وهل هذا هو حال المرأة المسلمة؛ مشبهة بالحمار والكلب الأسود؟!
واستدلوا على ذلك بدليلين:
1- صحيحِ مسلمٍ كِتَاب( الصَّلَاةِ) بَاب (قَدْرِ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّي) برقم 790 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : " يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ وَيَقِي ذَلِكَ مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ ".
2- مسند أحمدَ مُسْنَد الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ برقم 20360 حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : " يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَآخِرَةِ الرَّحْلِ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ " قُلْتُ : مَا بَالُ الْأَسْوَدِ مِنْ الْأَحْمَرِ ؟ قَالَ ابْنُ أَخِي :" سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ r كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ : " الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ ".
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الصامت فمن رجال مسلم .
الرد على الشبهة
أولًا: إن هذا الحديثَ ليس فيه أن المرأةَ مشبهة بالحمارِ، والكلب الأسودِ؛ هذا التشبيه ليس في الحديثِ أصلًا، ولا توجد أداة من أدوات التشبيه وهي الأشهر في أحاديث العرب....كما أنّ المشترك في التشبيه لا يعني المساواة أو المثلية....
فحينما تقول :"أخاف من أبي والكلب". فهل أبوك مثل الكلب؟!
أم أن أباك قد اشترك فقط مع الكلب في حالة خوفك، وليس الكلبُ مشبهًا بأبيك أو مساويا له أو مثله....
فالمشترك في الحديث هو إشغال المصلي عن صلاته في بيته وخارجه، وليس هناك تشبيه بين المرأة والحمار والكلب الأسود..
ففي داخل البيت قد تفتن المرأةُ المصلي بتزينها أو بعطرها....
وفي خارج البيت فقد ينهق الحمار عند مروره فيفزع المصلي، وأما الكلب الأسود فيروع المصلي لشراسته المعروفة....
فمرور إحدى هؤلاء الثلاثة قد تشغل المصلي عن صلاته، وذكرت في الحديث بعينها لأنها أكثر الأمور المنتشرة في ذاك الزمان حين يصلي المسلم منفردًًا داخل البيت وخارجه...
ولما تغيرت الأوضاع قليلًا بيّن النبيُّ أن كل من يمر أمام المصلي يقطع الصلاة كائن من كان، ذكر أم أنثى، ووجب على المصلي رده.... وهذا ما سيتقدم معنا -إن شاء الله-.
فتصيدِ الأخطاء ورمي البلاء يدلُ على كراهيتِهم للنبيِّ محمد الناتج عن سوء ظنهم، وقلة علمهم...
ردت عائشةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – الأمرَ وأنكرته بقولها : " شَبَّهْتُمُونَا بِالْحُمُرِ وَالْكِلَابِ...."! لأنها لم تكن تعرف أنه كان في زمن متقدم،ورأت النبي في بيتها على حال غيره...
جاء ذلك في صحيحِ البخاري بَاب ( مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ) برقم 484 عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ فَقَالَتْ :شَبَّهْتُمُونَا بِالْحُمُرِ وَالْكِلَابِ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّr يُصَلِّي وَإِنِّي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً فَتَبْدُو لِي الْحَاجَةُ فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ فَأُوذِيَ النَّبِيَّ r فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ.
فالحديثُ يبيّنُ أن النبيَّ r كان يصلي، وزوجته قاعدة على سريرها، وجزء من السرير سترته، والمكان مظلم، وهو أخشع الناس لله، وأملكُ الناس لشهوته ....
فعائشة أنكرته لما سمعته؛ لأنها رأت فعل النبي معها، ولكن الحديث يتحدث عن المرور أمام المصلي، وهي لم تمر من أمامه، ، ولم تقطع صلاته،
وكان السرير سترةً له...كما أن فعل النبي خاص به دون غيره لما تقدم...
أما قولها " شَبَّهْتُمُونَا بِالْحُمُرِ وَالْكِلَابِ....فقالته وهي غاضبة مكذبة للرواية و رافضة أن تكون المرأة ركنا من أركان الشبيه...
فأركان التشبيه أربعة : المشبَّه ، والمشبَّه به ، ووجه الشبه ، وأداة التشبيه .
فعائشة اقتصرت على النظر في ( المشبَّه به ) ورفضته لغضبها الشديد الناتج عن عدم تصديقيها لما رأت من فعل النبي خلافه –وهي معذورة-...وكان عليها أن تنظر إلى ( وجه الشبه) وهو مجرد الاشتراك في فعل معين يتعلق بقطع الصلاة، وهذا لا يقتضي المساواة بين المرأة وبين الحمار والكلب الأسود....
وكما ذكرتُ في المثال السابق أن (وجه الشبه) هو الخوف المشترك من الأب والكلب، وليس هناك مساواة بين الأب والكلب (المشبه به)....
إذًا : ليس في الحديثِ تشبيه المرأة بالحمار، أو الكلب الأسود ... بل إن ما جاء في الحديثِ ذكر حكمٍ شرعي مفاده أن أكثر ما يؤدي إلى قطع الصلاة؛ المرأة حينما تمر بين يدي المصلي تقطع صلاتَه ، وكذلك الحمار والكلب الأسود ، وقطع الصلاة المذكور ليس قطع بطلان ، ولكن قطع نقصان ؛ أي: نقص خشوع وأجر؛ فبسببِ مرورِ شيء من الثلاثةِ أمام المصلي التي تؤدي إلى القطع، جعلها النبي قاطعة، ثم بين الحديثُ نفسُه سبب قطع الكلب الأسود للصلاة فقال: " إنه شيطان ".قد يسبب حالة من الخوف لدى المصلي لشراسته المعروفة، وكذا الحمار قد ينهق، أو تنبعث منه رائحة كريهة، وفي البيت حينما تمر المرأة أمام المصلي قد يفتتن بها وينشغل فكره بها؛ لاسيما إذا كانت متعطرة أو متزينة.... وليس هناك تشبيه أو مساواة بين المرأة والحمار و الكلب الأسود كما فهم المعترضون.....
ثانيًا: ذكرتُ أن الحديث -محل الاعتراض- كان في وقت متقدم ولم تعرفه عائشة، وكانت ترى خلافه في بيتها.... ومع تغير الأوضاع قليلًا نهى النبيُّ عن المرور أمام المصلي منفردًا كائن من كان، ذكر أم أنثى، ووجب على المصلي ردّه....
جاءت أحاديث عدة تثبتُ أن الرجلَ أيضًا يقطعُ الصلاة؛ فهل معني ذلك أن الرجلَ كالحمارِ، والكلبِ الأسود ؟! هذا ردٌ على قولِهم : إن المرأة تقطع الصلاة كالحمار ، والكلب الأسود !
أكتفي بذكر حديثين اثنين:
الأول : صحيح البخاري برقم 3033 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ r : " إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ شَيْءٌ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَمْنَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيَمْنَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَليُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ " .
الثاني : صحيحِ مسلم بَاب ( مَنْعِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي ) برقم 782 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: " إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ ".
قلتُ : النبيُّ ذكر في بادئ الأمر أكثر ما يشغل ويفتن المصلي عن صلاته منفردًا في بيته و خارجه، ثم زاد على الثلاثة بأن كل ما يمر أمام المصلي يقطع الصلاة، ووجب منعه؛ إن كان منفردًا وليس في جماعة لحديث ابن عباس فالإمام سترة لمن خلفه...
وعلى هذا يزول ما أشكل فهمه ،على من كان الأمر همّه....
ثالثًا : إن القارئ للكتابِ المقدس يجد فيه أن الإنسانَ مشبهٌ بالجحشِ والبهيمة ، والإنسان كلمة تطلق على الذكرِ والأنثى ؛ فلا يوجد في اللغةِ العربيةِ كلمة ( إنسانة ) قط ...
جاء ذلك في الآتي:
1- الإنسان مشبه بالجحش:
وذلك في سفرِ أيوب أصحاح 11 عدد12 أَمَّا الرَّجُلُ فَفَارِغٌ عَدِيمُ الْفَهْمِ ، وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ.
نلاحظ : " وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ ".
وأتساءل: هل يحق لي أن أصف المعترضين واحدًا تلو الآخر بأنه جحش...؟!
2- الإنسانُ مشبهٌ بالبهيمة ... وهذا ما نسب لكاتبِ سفر الجامعة-يُقال سليمان- في الأصحاح 3 عدد 18قُلْتُ فِي قَلْبِي: «مِنْ جِهَةِ أُمُورِ بَنِي الْبَشَرِ، إِنَّ اللهَ يَمْتَحِنُهُمْ لِيُرِيَهُمْ أَنَّهُ كَمَا الْبَهِيمَةِ هكَذَا هُمْ». 19لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ، وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هذَا كَمَوْتِ ذَاكَ، وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ، لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ. 20يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ، وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا.
نلاحظ من النصِ: أن الإنسانَ ليس له مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ؛ فالإنسانُ كالبهيمةِ في الكتابِ المقدس .... !
وأتساءل :هل يقبل المعترضون بأن يتشبهوا بالبهائم بحسب نصوص كتابهم المقدس؟!
قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (الإسراء70) .
كما أن القارئ للكتابِ المقدس يجد أن المرأة يُطلق عليها عجلة، وصفت هكذا لما أطلق شمشون على زوجته لقب عجلة ....
وذلك في سفر القضاة أصحاح 14 عدد 18فَقَالَ لَهُ رِجَالُ الْمَدِينَةِ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ: «أَيُّ شَيْءٍ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَمَا أَجْفَى مِنَ الأَسَدِ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «لَوْ لَمْ تَحْرُثُوا عَلَى عِجْلَتِي، لَمَا وَجَدْتُمْ أُحْجِيَّتِي».
ويجدها أيضًا فيه بأنها كالكلبِ الأجرب الذي يبتعد الناسُ عن لمسِه؛ لأنه ينجسهم ...!
وذلك في سفر اََلاَّوِيِّين أصحاح 15 عدد 25«وَإِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ يَسِيلُ سَيْلُ دَمِهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً فِي غَيْرِ وَقْتِ طَمْثِهَا، أَوْ إِذَا سَالَ بَعْدَ طَمْثِهَا، فَتَكُونُ كُلَّ أَيَّامِ سَيَلاَنِ نَجَاسَتِهَا كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِهَا. إِنَّهَا نَجِسَةٌ. 26كُلُّ فِرَاشٍ تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ كُلَّ أَيَّامِ سَيْلِهَا يَكُونُ لَهَا كَفِرَاشِ طَمْثِهَا. وَكُلُّ الأَمْتِعَةِ الَّتِي تَجْلِسُ عَلَيْهَا تَكُونُ نَجِسَةً كَنَجَاسَةِ طَمْثِهَا. 27وَكُلُّ مَنْ مَسَّهُنَّ يَكُونُ نَجِسًا، فَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ.
قلتُ : إن الإنسان يتعامل مع الكلب الأجرب -في معظم الأحيان- بما نسبت هذه النصوص للمرأة ...
فهل هذا يليق بحال المرأة في الكتاب المقدس الذي يؤمن به المعترضون؟!
اختم بنص جاء سفر الخروج أصحاح 20 عدد 16لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ. 17لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ».
وأتساءل: هل المرأة مشبهة بالثور والحمار... بحسب النص لأنها ذُكرت بجانبهم...؟!
كتبه / أكرم حسن مرسي
باحث في مقارنة الأديان
زعموا أن النبي محمدًا أخبر أن المرأةَ كالحمارِ، والكلبِ الأسود ...
وبعد زعمهم قالوا: هل هذا كلام يخرج من نبيٍّ مرسل من عند الله؟!
وهل هذا هو حال المرأة المسلمة؛ مشبهة بالحمار والكلب الأسود؟!
واستدلوا على ذلك بدليلين:
1- صحيحِ مسلمٍ كِتَاب( الصَّلَاةِ) بَاب (قَدْرِ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّي) برقم 790 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : " يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ وَيَقِي ذَلِكَ مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ ".
2- مسند أحمدَ مُسْنَد الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ برقم 20360 حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : " يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَآخِرَةِ الرَّحْلِ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ " قُلْتُ : مَا بَالُ الْأَسْوَدِ مِنْ الْأَحْمَرِ ؟ قَالَ ابْنُ أَخِي :" سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ r كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ : " الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ ".
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الصامت فمن رجال مسلم .
الرد على الشبهة
أولًا: إن هذا الحديثَ ليس فيه أن المرأةَ مشبهة بالحمارِ، والكلب الأسودِ؛ هذا التشبيه ليس في الحديثِ أصلًا، ولا توجد أداة من أدوات التشبيه وهي الأشهر في أحاديث العرب....كما أنّ المشترك في التشبيه لا يعني المساواة أو المثلية....
فحينما تقول :"أخاف من أبي والكلب". فهل أبوك مثل الكلب؟!
أم أن أباك قد اشترك فقط مع الكلب في حالة خوفك، وليس الكلبُ مشبهًا بأبيك أو مساويا له أو مثله....
فالمشترك في الحديث هو إشغال المصلي عن صلاته في بيته وخارجه، وليس هناك تشبيه بين المرأة والحمار والكلب الأسود..
ففي داخل البيت قد تفتن المرأةُ المصلي بتزينها أو بعطرها....
وفي خارج البيت فقد ينهق الحمار عند مروره فيفزع المصلي، وأما الكلب الأسود فيروع المصلي لشراسته المعروفة....
فمرور إحدى هؤلاء الثلاثة قد تشغل المصلي عن صلاته، وذكرت في الحديث بعينها لأنها أكثر الأمور المنتشرة في ذاك الزمان حين يصلي المسلم منفردًًا داخل البيت وخارجه...
ولما تغيرت الأوضاع قليلًا بيّن النبيُّ أن كل من يمر أمام المصلي يقطع الصلاة كائن من كان، ذكر أم أنثى، ووجب على المصلي رده.... وهذا ما سيتقدم معنا -إن شاء الله-.
فتصيدِ الأخطاء ورمي البلاء يدلُ على كراهيتِهم للنبيِّ محمد الناتج عن سوء ظنهم، وقلة علمهم...
ردت عائشةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – الأمرَ وأنكرته بقولها : " شَبَّهْتُمُونَا بِالْحُمُرِ وَالْكِلَابِ...."! لأنها لم تكن تعرف أنه كان في زمن متقدم،ورأت النبي في بيتها على حال غيره...
جاء ذلك في صحيحِ البخاري بَاب ( مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ) برقم 484 عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ فَقَالَتْ :شَبَّهْتُمُونَا بِالْحُمُرِ وَالْكِلَابِ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّr يُصَلِّي وَإِنِّي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً فَتَبْدُو لِي الْحَاجَةُ فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ فَأُوذِيَ النَّبِيَّ r فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ.
فالحديثُ يبيّنُ أن النبيَّ r كان يصلي، وزوجته قاعدة على سريرها، وجزء من السرير سترته، والمكان مظلم، وهو أخشع الناس لله، وأملكُ الناس لشهوته ....
فعائشة أنكرته لما سمعته؛ لأنها رأت فعل النبي معها، ولكن الحديث يتحدث عن المرور أمام المصلي، وهي لم تمر من أمامه، ، ولم تقطع صلاته،
وكان السرير سترةً له...كما أن فعل النبي خاص به دون غيره لما تقدم...
أما قولها " شَبَّهْتُمُونَا بِالْحُمُرِ وَالْكِلَابِ....فقالته وهي غاضبة مكذبة للرواية و رافضة أن تكون المرأة ركنا من أركان الشبيه...
فأركان التشبيه أربعة : المشبَّه ، والمشبَّه به ، ووجه الشبه ، وأداة التشبيه .
فعائشة اقتصرت على النظر في ( المشبَّه به ) ورفضته لغضبها الشديد الناتج عن عدم تصديقيها لما رأت من فعل النبي خلافه –وهي معذورة-...وكان عليها أن تنظر إلى ( وجه الشبه) وهو مجرد الاشتراك في فعل معين يتعلق بقطع الصلاة، وهذا لا يقتضي المساواة بين المرأة وبين الحمار والكلب الأسود....
وكما ذكرتُ في المثال السابق أن (وجه الشبه) هو الخوف المشترك من الأب والكلب، وليس هناك مساواة بين الأب والكلب (المشبه به)....
إذًا : ليس في الحديثِ تشبيه المرأة بالحمار، أو الكلب الأسود ... بل إن ما جاء في الحديثِ ذكر حكمٍ شرعي مفاده أن أكثر ما يؤدي إلى قطع الصلاة؛ المرأة حينما تمر بين يدي المصلي تقطع صلاتَه ، وكذلك الحمار والكلب الأسود ، وقطع الصلاة المذكور ليس قطع بطلان ، ولكن قطع نقصان ؛ أي: نقص خشوع وأجر؛ فبسببِ مرورِ شيء من الثلاثةِ أمام المصلي التي تؤدي إلى القطع، جعلها النبي قاطعة، ثم بين الحديثُ نفسُه سبب قطع الكلب الأسود للصلاة فقال: " إنه شيطان ".قد يسبب حالة من الخوف لدى المصلي لشراسته المعروفة، وكذا الحمار قد ينهق، أو تنبعث منه رائحة كريهة، وفي البيت حينما تمر المرأة أمام المصلي قد يفتتن بها وينشغل فكره بها؛ لاسيما إذا كانت متعطرة أو متزينة.... وليس هناك تشبيه أو مساواة بين المرأة والحمار و الكلب الأسود كما فهم المعترضون.....
ثانيًا: ذكرتُ أن الحديث -محل الاعتراض- كان في وقت متقدم ولم تعرفه عائشة، وكانت ترى خلافه في بيتها.... ومع تغير الأوضاع قليلًا نهى النبيُّ عن المرور أمام المصلي منفردًا كائن من كان، ذكر أم أنثى، ووجب على المصلي ردّه....
جاءت أحاديث عدة تثبتُ أن الرجلَ أيضًا يقطعُ الصلاة؛ فهل معني ذلك أن الرجلَ كالحمارِ، والكلبِ الأسود ؟! هذا ردٌ على قولِهم : إن المرأة تقطع الصلاة كالحمار ، والكلب الأسود !
أكتفي بذكر حديثين اثنين:
الأول : صحيح البخاري برقم 3033 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ r : " إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ شَيْءٌ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَمْنَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيَمْنَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَليُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ " .
الثاني : صحيحِ مسلم بَاب ( مَنْعِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي ) برقم 782 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: " إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ ".
قلتُ : النبيُّ ذكر في بادئ الأمر أكثر ما يشغل ويفتن المصلي عن صلاته منفردًا في بيته و خارجه، ثم زاد على الثلاثة بأن كل ما يمر أمام المصلي يقطع الصلاة، ووجب منعه؛ إن كان منفردًا وليس في جماعة لحديث ابن عباس فالإمام سترة لمن خلفه...
وعلى هذا يزول ما أشكل فهمه ،على من كان الأمر همّه....
ثالثًا : إن القارئ للكتابِ المقدس يجد فيه أن الإنسانَ مشبهٌ بالجحشِ والبهيمة ، والإنسان كلمة تطلق على الذكرِ والأنثى ؛ فلا يوجد في اللغةِ العربيةِ كلمة ( إنسانة ) قط ...
جاء ذلك في الآتي:
1- الإنسان مشبه بالجحش:
وذلك في سفرِ أيوب أصحاح 11 عدد12 أَمَّا الرَّجُلُ فَفَارِغٌ عَدِيمُ الْفَهْمِ ، وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ.
نلاحظ : " وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ ".
وأتساءل: هل يحق لي أن أصف المعترضين واحدًا تلو الآخر بأنه جحش...؟!
2- الإنسانُ مشبهٌ بالبهيمة ... وهذا ما نسب لكاتبِ سفر الجامعة-يُقال سليمان- في الأصحاح 3 عدد 18قُلْتُ فِي قَلْبِي: «مِنْ جِهَةِ أُمُورِ بَنِي الْبَشَرِ، إِنَّ اللهَ يَمْتَحِنُهُمْ لِيُرِيَهُمْ أَنَّهُ كَمَا الْبَهِيمَةِ هكَذَا هُمْ». 19لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ، وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هذَا كَمَوْتِ ذَاكَ، وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ، لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ. 20يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ، وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا.
نلاحظ من النصِ: أن الإنسانَ ليس له مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ؛ فالإنسانُ كالبهيمةِ في الكتابِ المقدس .... !
وأتساءل :هل يقبل المعترضون بأن يتشبهوا بالبهائم بحسب نصوص كتابهم المقدس؟!
قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (الإسراء70) .
كما أن القارئ للكتابِ المقدس يجد أن المرأة يُطلق عليها عجلة، وصفت هكذا لما أطلق شمشون على زوجته لقب عجلة ....
وذلك في سفر القضاة أصحاح 14 عدد 18فَقَالَ لَهُ رِجَالُ الْمَدِينَةِ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ: «أَيُّ شَيْءٍ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَمَا أَجْفَى مِنَ الأَسَدِ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «لَوْ لَمْ تَحْرُثُوا عَلَى عِجْلَتِي، لَمَا وَجَدْتُمْ أُحْجِيَّتِي».
ويجدها أيضًا فيه بأنها كالكلبِ الأجرب الذي يبتعد الناسُ عن لمسِه؛ لأنه ينجسهم ...!
وذلك في سفر اََلاَّوِيِّين أصحاح 15 عدد 25«وَإِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ يَسِيلُ سَيْلُ دَمِهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً فِي غَيْرِ وَقْتِ طَمْثِهَا، أَوْ إِذَا سَالَ بَعْدَ طَمْثِهَا، فَتَكُونُ كُلَّ أَيَّامِ سَيَلاَنِ نَجَاسَتِهَا كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِهَا. إِنَّهَا نَجِسَةٌ. 26كُلُّ فِرَاشٍ تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ كُلَّ أَيَّامِ سَيْلِهَا يَكُونُ لَهَا كَفِرَاشِ طَمْثِهَا. وَكُلُّ الأَمْتِعَةِ الَّتِي تَجْلِسُ عَلَيْهَا تَكُونُ نَجِسَةً كَنَجَاسَةِ طَمْثِهَا. 27وَكُلُّ مَنْ مَسَّهُنَّ يَكُونُ نَجِسًا، فَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ.
قلتُ : إن الإنسان يتعامل مع الكلب الأجرب -في معظم الأحيان- بما نسبت هذه النصوص للمرأة ...
فهل هذا يليق بحال المرأة في الكتاب المقدس الذي يؤمن به المعترضون؟!
اختم بنص جاء سفر الخروج أصحاح 20 عدد 16لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ. 17لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ».
وأتساءل: هل المرأة مشبهة بالثور والحمار... بحسب النص لأنها ذُكرت بجانبهم...؟!
كتبه / أكرم حسن مرسي
باحث في مقارنة الأديان
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى