رد شبهة : فيسبق عليه الكتاب !
الأربعاء ديسمبر 20, 2017 11:52 pm
رد شبهة : فيسبق عليه الكتاب !
قالوا لأحدِ المسلمين: لا داعي أن تعبد اللهَ حقَ العبادةِ؛ لأنه قد يسبق عليك الكتاب في آخر حياتك، فتعمل بعمل أهل النار وتكون من أهلِها.... استشهدوا على ذلك بما جاء في الصحيحين ، واللفظ لمسلم كِتَاب ( الْقَدَرِ) بَاب ( كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقَاوَتِهِ وَسَعَادَتِهِ ) برقم 4781 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ r وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا ".
الرد على الشبهة
أولًا: إن المسلمين يعتقدون أن اللهَ ليس بظلامٍ للعبيد يقينًا، ولا يخلف وعدًا ولا وعيدًا؛تدلل على ذلك أدلة منها:
1- قوله : مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (فصلت46).
2- قوله : مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (ق29) .
3- قوله : إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (النساء 40 ).
4- قوله لنبيِّه r : وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (هود115).
5- قوله : مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (غافر40) .
1- قوله : مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (النحل97).
وعليه: فإن قولهم للمسلم لا داعي بأن تعبد اللهَ حق العبادة؛ لأنه قد يسبق عليك الكتاب في آخر حياتك، فتعمل بعمل أهل النار وتكون من أهلِها...... قول كاذبٌ مردودٌ عليه بما سبق من أدلة وغيرها...
ثانيًا: إن الحديثَ الذي استشهد به المعترضون على شبهتِهم لا يخدم مصالحهم بحالٍ من الأحوال بل مُحال...
فقوله r : " فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا" .
قلتُ: إن هذه رواية مطلقة قُيدت بروايةٍ أوضحتها وبينتها.... في صحيحِ مسلمٍ كِتَاب ( الْقَدَرِ ) بَاب ( كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقَاوَتِهِ وَسَعَادَتِه ِ) برقم 4792 عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ:" إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ".
الملاحظ قولََه r : " فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ " .
والملاحظ أيضًا أن الإمامَ النووي ذكر الحديثَ الأول الذي استشهد به المعترضون على شبهتِم في كِتَاب( الْقَدَرِ) بَاب ( كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقَاوَتِهِ وَسَعَادَتِهِ ) ، وذكر الحديث الثاني الذي قيد الأول في نفس الكتاب والباب ، وكأنه - رحمه اللهُ - يريد أن يقول : إن الرواية الثانية قيدت المطلق من الرواية الأولى بلفظ " فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ ".
وبالتالي: فالحديث يُخبر أن حال الناس مع الله لا يُتطلع عليه بظاهر أعمالهم، وأن من عاش على شيء مات عليه....
فقد يُحمل على المنافقِ والمرائي الذي يعمل العملَ لغير للهِ ، بل لإرضاء الناس من دونه ؛ بينما يظن الناسُ أنّ فيه الخير وأنه من أهلِ البر .... ولكنه في الحقيقة مرائي ، فيختم له بسوء، ويدخل النار......
وقد يُحمل على الكافر الذي يسلم إلى اللهِ قبل موته ؛ حيث كان في حياته باحثًا عن الحق، وفي قلبه صدق فيختم له بالخير، ويدخل الجنة... يقول لنبيِّ محمد : r قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ ( الأنفال38 ).
وقد قال النبيُّ محمدٌ r لعمروِ بنِ العاص : " الإسلامُ يَجبُ ما كان قبله ". (صحيح الجامع الصغير برقم )4543.
وعليه: فإنّ التوبة تهدم الذنب؛ وإنْ عذب الله إنسانًا ظالمًا أو كافرًا فهذا من عدله، وإن عفا عن إنسان تائبٍ فهذا من رحمته...
يدلل على ما سبق ما ثبت عند الترمذي في سننه برقم 2067 قال r : " سَدِّدُوا وَقَارِبُوا فَإِنَّ صَاحِبَ الْجَنَّةِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ، وَإِنَّ صَاحِبَ النَّارِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ".
وعليه فلا شبهة تُقام ، ولا أحد مُلام إلا كل معترض جاهل ذمّام...
ثالثًا: إن الكتاب المقدس ذكر لنا أن الله أضل رسلًا وملوكا وحكماء؛ فعبد أن كانوا أصفياء أولياء ....ختم لهم بشر في آخر حياتهم فصاروا للرب أعداء.....
فهذا بلعام كان نبيًّا ثم سبق عليه الكتاب فكان آخر حياته شقيا...
وهذا سليمان كان ملكا حكيما كلمه الله مرتين وأحبه ،سبق عليه الكتاب فكفر في آخر حياته من أجل إرضاء زوجاته....
وهذا شاول كان ملكا على شعب الله المختار –بني إسرائيل – وقاتل الكفار...سبق عليه الكتاب في آخر، ففعل الشر فعيني الرب؛ بل وندم الربُّ ندمًا شديدا بأن جعله ملكًا....
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان هذا هو حال من أختارهم الله واصطفاهم، فكيف يكون حال إنسان بسيط يعمل بعمل أهل الجنة، ثم فجأة يغضب الربُّ عليه في آخر عمره، فيعمل بعمل أهل بحيرة النار والكبريت فيدخلها؟!
كتبه/ أكرم حسن مرسي
قالوا لأحدِ المسلمين: لا داعي أن تعبد اللهَ حقَ العبادةِ؛ لأنه قد يسبق عليك الكتاب في آخر حياتك، فتعمل بعمل أهل النار وتكون من أهلِها.... استشهدوا على ذلك بما جاء في الصحيحين ، واللفظ لمسلم كِتَاب ( الْقَدَرِ) بَاب ( كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقَاوَتِهِ وَسَعَادَتِهِ ) برقم 4781 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ r وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا ".
الرد على الشبهة
أولًا: إن المسلمين يعتقدون أن اللهَ ليس بظلامٍ للعبيد يقينًا، ولا يخلف وعدًا ولا وعيدًا؛تدلل على ذلك أدلة منها:
1- قوله : مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (فصلت46).
2- قوله : مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (ق29) .
3- قوله : إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (النساء 40 ).
4- قوله لنبيِّه r : وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (هود115).
5- قوله : مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (غافر40) .
1- قوله : مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (النحل97).
وعليه: فإن قولهم للمسلم لا داعي بأن تعبد اللهَ حق العبادة؛ لأنه قد يسبق عليك الكتاب في آخر حياتك، فتعمل بعمل أهل النار وتكون من أهلِها...... قول كاذبٌ مردودٌ عليه بما سبق من أدلة وغيرها...
ثانيًا: إن الحديثَ الذي استشهد به المعترضون على شبهتِهم لا يخدم مصالحهم بحالٍ من الأحوال بل مُحال...
فقوله r : " فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا" .
قلتُ: إن هذه رواية مطلقة قُيدت بروايةٍ أوضحتها وبينتها.... في صحيحِ مسلمٍ كِتَاب ( الْقَدَرِ ) بَاب ( كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقَاوَتِهِ وَسَعَادَتِه ِ) برقم 4792 عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ:" إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ".
الملاحظ قولََه r : " فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ " .
والملاحظ أيضًا أن الإمامَ النووي ذكر الحديثَ الأول الذي استشهد به المعترضون على شبهتِم في كِتَاب( الْقَدَرِ) بَاب ( كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقَاوَتِهِ وَسَعَادَتِهِ ) ، وذكر الحديث الثاني الذي قيد الأول في نفس الكتاب والباب ، وكأنه - رحمه اللهُ - يريد أن يقول : إن الرواية الثانية قيدت المطلق من الرواية الأولى بلفظ " فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ ".
وبالتالي: فالحديث يُخبر أن حال الناس مع الله لا يُتطلع عليه بظاهر أعمالهم، وأن من عاش على شيء مات عليه....
فقد يُحمل على المنافقِ والمرائي الذي يعمل العملَ لغير للهِ ، بل لإرضاء الناس من دونه ؛ بينما يظن الناسُ أنّ فيه الخير وأنه من أهلِ البر .... ولكنه في الحقيقة مرائي ، فيختم له بسوء، ويدخل النار......
وقد يُحمل على الكافر الذي يسلم إلى اللهِ قبل موته ؛ حيث كان في حياته باحثًا عن الحق، وفي قلبه صدق فيختم له بالخير، ويدخل الجنة... يقول لنبيِّ محمد : r قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ ( الأنفال38 ).
وقد قال النبيُّ محمدٌ r لعمروِ بنِ العاص : " الإسلامُ يَجبُ ما كان قبله ". (صحيح الجامع الصغير برقم )4543.
وعليه: فإنّ التوبة تهدم الذنب؛ وإنْ عذب الله إنسانًا ظالمًا أو كافرًا فهذا من عدله، وإن عفا عن إنسان تائبٍ فهذا من رحمته...
يدلل على ما سبق ما ثبت عند الترمذي في سننه برقم 2067 قال r : " سَدِّدُوا وَقَارِبُوا فَإِنَّ صَاحِبَ الْجَنَّةِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ، وَإِنَّ صَاحِبَ النَّارِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ".
وعليه فلا شبهة تُقام ، ولا أحد مُلام إلا كل معترض جاهل ذمّام...
ثالثًا: إن الكتاب المقدس ذكر لنا أن الله أضل رسلًا وملوكا وحكماء؛ فعبد أن كانوا أصفياء أولياء ....ختم لهم بشر في آخر حياتهم فصاروا للرب أعداء.....
فهذا بلعام كان نبيًّا ثم سبق عليه الكتاب فكان آخر حياته شقيا...
وهذا سليمان كان ملكا حكيما كلمه الله مرتين وأحبه ،سبق عليه الكتاب فكفر في آخر حياته من أجل إرضاء زوجاته....
وهذا شاول كان ملكا على شعب الله المختار –بني إسرائيل – وقاتل الكفار...سبق عليه الكتاب في آخر، ففعل الشر فعيني الرب؛ بل وندم الربُّ ندمًا شديدا بأن جعله ملكًا....
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان هذا هو حال من أختارهم الله واصطفاهم، فكيف يكون حال إنسان بسيط يعمل بعمل أهل الجنة، ثم فجأة يغضب الربُّ عليه في آخر عمره، فيعمل بعمل أهل بحيرة النار والكبريت فيدخلها؟!
كتبه/ أكرم حسن مرسي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى