شبهات حول معنى عدالة الصحابة !
السبت يناير 05, 2019 2:44 pm
ما معنى عدالة الصحابة ؟!
قالوا :كثيرًا ما يتكلم أهلُ السنةِ عن عدالةِ الصحابةِ، فعن أي عدالةٍ يتحدثون، فمنهم من سرق ومنهم من زنا....؟!
!الجواب:
أولًا:إن الصحابةَ عدولٌ وثقةٌ في تبليغِهم عن النبي محمدr ؛فليسوا كذبة عليه ولا متقولون عنه أبدًا عدا المنافقين والخائنين .... بل تقبل رواية الواحد منهم وإنْ كان مجهولًا الحال، ولذلك قال العلماء: جهالة الصحابي لا تضر في رواية الحديث؛ فليست معرفة حاله لصحةِ حديثه بُدًا ..... كما أن المشهور عن العرب في الغالب أنهم لا يكذبون، فما هو الحال مع من عاش مع النبي محمد وتحلى بأخلاقه... فهل يكذب على من أحبه ...؟!
دلّ على ما سبق :أن اللهَ أثنى عليهم ورسوله r خيرًا في عدة مواضع... وأن النبيَّ محمدًا r كان يقبل قولَ الواحدِ منهم إذا عَلم بإسلامِه، ولم يسأل عن حالِه بالتمام...
جاء في سنن الترمذي برقم 627 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ :"إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ" قَالَ:" أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ". قَالَ: نَعَمْ .قَالَ :"يَا بِلَالُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا غَدًا".
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ سِمَاكٍ نَحْوَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ سِمَاكٍ رَوَوْا عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي الصِّيَامِ وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ. قَالَ إِسْحَقُ لَا يُصَامُ إِلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِفْطَارِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ.
قلتُ : وقد وضع الترمذيُّ الحديث تحت باب اسماه: بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّوْمِ بِالشَّهَادَةِ.
وقد ذكر الأمام البغوي الحديثَ في كتابه شرح السنة تحت باب( الشهادة على رؤية الهلال).
ومن الإصابة القول بأنّ الصحابة ليسوا سواءً في مراتبهم ؛ فالمراتب تختلف من حيثُ السبق إلى الإسلام أو الهجرة، وشهود المشاهد الفاضلة والفاصلة في الحرب والسلام.....
وقيل : إن الصحابة على طبقة واحدة، وحجتهم أن للصحبة من الشرف العظيم والمكانة الكبيرة ما يقطع كل اعتبار آخر،مثل السابقِ في دخولِ الإسلام والبذل والعطاء، والتضحية بالنفس، وتحمل المشقة من تعذيب وآلام....
قلتُ: إنّ الصحابة ليسوا سواءً في المناقب والأجر والمحبة عند اللهِ ورسولِه والمسلمين الأفهام.... فأولهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان... ويكفي فخرًا من كان حيًّا ويعلم أنه من أهل الجنة؛ بل أعالي الجنان كما ذكر النبيُّ العدنان العشرةَ المبشرين بالجنة وغيرهم من أولي النهى والأحلام....
دلل على ما سبق ما يلي:
1- قوله : " لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) " ( الحديد).
2-سنن الترمذي برقم 382 عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ :عَائِشَةُ. قَالَ: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا.
3- صحيح البخاري برقم3399 عن أَنَس بْن مَالِكٍ قال: إنَّ النَّبِيَّ r صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ: "اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ".
4-سنن الترمذي برقم3680 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : " أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ".
5-مسند أحمد برقم 795 قَالَ عَلِيٌّ : "خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ وَلَوْ شِئْتُ أَخْبَرْتُكُمْ بِالثَّالِثِ لَفَعَلْتُ". تعليق شعيب الأرنؤوط: صحيح.
6-صحيح البخاري برقم2598 عن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ rفَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ؟ قَالَ:" يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى".
7 -وكان حارثةُ بن النعمان. يعلم بشارتَه في حياتِه ومكانَه بعد مماتِه ....جاء في شعب الإيمان للبيهقي برقم10590 عن أنس بن مالك : أن رسول الله r خرج يوما فاستقبله شاب من الأنصار يقال له : حارثة بن النعمان فقال له : كيف أصبحت يا حارثة قال : أصبحت مؤمنا حقا قال : فقال رسول الله r : انظر ما تقول فإن لكل حق حقيقة إيمانك قال : فقال : عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي و أظمأت نهاري و كأني أنظر إلى عرش ربي بارزا و كأني أنظر إلى أهل الجنة كيف يتزاورون فيها و كأني انظر إلى أهل النار كيف يتعادون فيها فقال : فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : أبصرت فالزم مرتين عبد نور الله الإيمان في قلبه قال : فنودي يوما في الخيل يا خيل الله اركبي فكان أول فارس ركب و أول فارس استشهد فجاءت أمه إلى النبي r فقالت : يا رسول الله أخبرني عن ابني حارثة أين هو إن يكن في الجنة لم أبك و لم أحزن و إن يكن في النار بكيت ما عشت في الدنيا قال : فقال : لها رسول الله r يا أم حارثه إنها ليست بجنة و لكنها جنان و حارثة في الفردوس الأعلى قال : فانصرفت و هي تضحك و تقول : بخ بخ لك يا حارثه كذا. قال : حارثه بن النعمان.
8-مجموع الفتوى لابن تيمية (ج2/ ص 31): "والثالثة: المفضلة : الذين يفضلونه على أبي بكر وعمر، فتواتر عنه-عليّ- أنه قال: ( خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر ) ، وروى ذلك البخاري في صحيحه عن محمد بن الحنفية أنه سأل أباه-عليًّا-: مَنْ خير الناس بعد رسول اللّه r؟ فقال: أبو بكر . قال : ثم من ؟ قال : عمر .
وكانت الشيعة الأولى لا يتنازعون في تفضيل أبي بكر وعمر، وإنما كان النزاع في علي وعثمان؛ ولهذا قال شريك بن عبد اللّه [ هو شريك بن عبد اللّه بن أبي نمر القرشي، وثقه ابن سعد، وقال يحيى بن معين والنسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات، وتوفي سنة 140هـ .
وقيل: 144هـ ]: إن أفضل الناس بعد رسول الّله r أبو بكر وعمر. فقيل له: تقول هذا وأنت من الشيعة ؟ فقال : كل الشيعة كانوا على هذا، وهو الذي قال هذا على أعواد منبره، أفنكذبه فيما قال ؟.
ولهذا قال سفيان الثوري: من فضل عليا على أبي بكر وعمر فقد أزرى [ أي : حطَّ من شأنهم . انظر: القاموس، مادة: زري ] بالمهاجرين والأنصار، وما أرى يصعد له إلى اللّه ـ عز وجل ـ عمل وهو كذلك. رواه أبو داود في سننه، وكأنه يعرض بالحسن بن صالح بن حيى، فإن الزيدية الصالحة وهم أصلح طوائف الزيدية ينسبون إليه ".اهـ
وممن أحسن في الإصابة على بيان طبقات الصحابة الشيخُ أحمدُ شاكر
كما يلي:
اختلفوا في طبقات الصحابة، فجعلها بعضُهم خمس طبقات، وعليه عمل ابن سعد في كتابه، ولو كان المطبوع كاملا لاستخرجناها منه وذكرناها.
وجعلها الحاكمُ اثنتي عشرة طبقة، وزاد بعضهم أكثر من ذلك، والمشهور ما ذهب إليه الحاكم، وهذه الطبقات هي:
1-الطبقة الأولى: أهل السابقة في الدخول إلى الإسلام من أهل مكة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب.
2- الطبقة الثانية: أصحاب دار الندوة، وهي الدار التي كان يجتمع فيها أهل مكة يتشاورون في شئونهم، فبعد إسلام عمر حمل الرسول r إلى دار الندوة فبايعه جماعة من أهل مكة.
3- الطبقة الثالثة: الذي هاجروا إلى الحبشة، مثل: جعفر بن أبي طالب.
4- الطبقة الرابعة: أصحاب بيعة العقبة الأولى ،مثل: عبادة بن الصامت وأسعد بن زرارة.
5- الطبقة الخامسة: أصحاب بيعة العقبة الثانية وأكثرهم من الأنصار.
6- الطبقة السادسة: أوائل المهاجرين الذين وصلوا إلى النبي r وهو بقباء
قبل أن يدخل المدينة، مثل: أبي سلمة بن عبد الأسد، وعامر بن ربيعة.
7- الطبقة السابعة: الذين اشتركوا في غزوة بدر، مثل: الحباب بن المنذر.
8- الطبقة الثامنة: الذين هاجروا إلى المدينة في الفترة ما بين غزوة بدر وصلح الحديبية، مثل:
المغيرة بن شعبة.
9- الطبقة التاسعة: أهل بيعة الرضوان في الحديبية، مثل: عبد الله بن عمر.
10- الطبقة العاشرة: الذين هاجروا في الفترة بين صلح الحديبية وفتح مكة، مثل:خالد بن الوليد
وعمرو بن العاص.
11- الطبقة الحادية عشرة: الذين أسلموا في فتح مكة، مثل: أبي سفيان بن حرب، ومعاوية بن أبي سفيان، وعتاب من أسيد.
12- الطبقة الثانية عشرة: الصبيان والأطفال الذين رأوا الرسول r في فتح
مكة وحجة الوداع. اهـ
ثانيًا : قد وقع من الصحابة بعض الأخطاء فهم ليسوا معصومين عن الخطأ والأخطاء؛ هم بشرٌ مثل البشر يصيبون ويخطئون.....فُضّلُوا بِشَرفِ الصحبةِ، والعملِ الصالحِ الناجحِ.. ولم يبلغوا درجةَ الأنبياء؛ بل هم عُدُول في تبلغهم عن النبي محمد r،فلا تجد صحابيًّا مخلصًا قد كذب على نبيهr... فعدالتهم تتمثل في قبول شهادتهم....
كما أنهم هم خيرُ جيلٍ يُتأسى به في نصرة الدين ومعرفة مُرادِ خالق الأحياء، وهم خيرُ أناسٍ عرفتهم البشريةُ بعد الأنبياء ووضؤوا الأرض وعمروها وأحبهم منْ في السماءِ... قال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ:" إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ rخَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ ".
(مسند أحمد برقم 3418) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن.
كتبه / أكرم حسن مرسي
قالوا :كثيرًا ما يتكلم أهلُ السنةِ عن عدالةِ الصحابةِ، فعن أي عدالةٍ يتحدثون، فمنهم من سرق ومنهم من زنا....؟!
!الجواب:
أولًا:إن الصحابةَ عدولٌ وثقةٌ في تبليغِهم عن النبي محمدr ؛فليسوا كذبة عليه ولا متقولون عنه أبدًا عدا المنافقين والخائنين .... بل تقبل رواية الواحد منهم وإنْ كان مجهولًا الحال، ولذلك قال العلماء: جهالة الصحابي لا تضر في رواية الحديث؛ فليست معرفة حاله لصحةِ حديثه بُدًا ..... كما أن المشهور عن العرب في الغالب أنهم لا يكذبون، فما هو الحال مع من عاش مع النبي محمد وتحلى بأخلاقه... فهل يكذب على من أحبه ...؟!
دلّ على ما سبق :أن اللهَ أثنى عليهم ورسوله r خيرًا في عدة مواضع... وأن النبيَّ محمدًا r كان يقبل قولَ الواحدِ منهم إذا عَلم بإسلامِه، ولم يسأل عن حالِه بالتمام...
جاء في سنن الترمذي برقم 627 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ :"إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ" قَالَ:" أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ". قَالَ: نَعَمْ .قَالَ :"يَا بِلَالُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا غَدًا".
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ سِمَاكٍ نَحْوَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ سِمَاكٍ رَوَوْا عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي الصِّيَامِ وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ. قَالَ إِسْحَقُ لَا يُصَامُ إِلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِفْطَارِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ.
قلتُ : وقد وضع الترمذيُّ الحديث تحت باب اسماه: بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّوْمِ بِالشَّهَادَةِ.
وقد ذكر الأمام البغوي الحديثَ في كتابه شرح السنة تحت باب( الشهادة على رؤية الهلال).
ومن الإصابة القول بأنّ الصحابة ليسوا سواءً في مراتبهم ؛ فالمراتب تختلف من حيثُ السبق إلى الإسلام أو الهجرة، وشهود المشاهد الفاضلة والفاصلة في الحرب والسلام.....
وقيل : إن الصحابة على طبقة واحدة، وحجتهم أن للصحبة من الشرف العظيم والمكانة الكبيرة ما يقطع كل اعتبار آخر،مثل السابقِ في دخولِ الإسلام والبذل والعطاء، والتضحية بالنفس، وتحمل المشقة من تعذيب وآلام....
قلتُ: إنّ الصحابة ليسوا سواءً في المناقب والأجر والمحبة عند اللهِ ورسولِه والمسلمين الأفهام.... فأولهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان... ويكفي فخرًا من كان حيًّا ويعلم أنه من أهل الجنة؛ بل أعالي الجنان كما ذكر النبيُّ العدنان العشرةَ المبشرين بالجنة وغيرهم من أولي النهى والأحلام....
دلل على ما سبق ما يلي:
1- قوله : " لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) " ( الحديد).
2-سنن الترمذي برقم 382 عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ :عَائِشَةُ. قَالَ: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا.
3- صحيح البخاري برقم3399 عن أَنَس بْن مَالِكٍ قال: إنَّ النَّبِيَّ r صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ: "اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ".
4-سنن الترمذي برقم3680 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : " أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ".
5-مسند أحمد برقم 795 قَالَ عَلِيٌّ : "خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ وَلَوْ شِئْتُ أَخْبَرْتُكُمْ بِالثَّالِثِ لَفَعَلْتُ". تعليق شعيب الأرنؤوط: صحيح.
6-صحيح البخاري برقم2598 عن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ rفَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ؟ قَالَ:" يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى".
7 -وكان حارثةُ بن النعمان. يعلم بشارتَه في حياتِه ومكانَه بعد مماتِه ....جاء في شعب الإيمان للبيهقي برقم10590 عن أنس بن مالك : أن رسول الله r خرج يوما فاستقبله شاب من الأنصار يقال له : حارثة بن النعمان فقال له : كيف أصبحت يا حارثة قال : أصبحت مؤمنا حقا قال : فقال رسول الله r : انظر ما تقول فإن لكل حق حقيقة إيمانك قال : فقال : عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي و أظمأت نهاري و كأني أنظر إلى عرش ربي بارزا و كأني أنظر إلى أهل الجنة كيف يتزاورون فيها و كأني انظر إلى أهل النار كيف يتعادون فيها فقال : فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : أبصرت فالزم مرتين عبد نور الله الإيمان في قلبه قال : فنودي يوما في الخيل يا خيل الله اركبي فكان أول فارس ركب و أول فارس استشهد فجاءت أمه إلى النبي r فقالت : يا رسول الله أخبرني عن ابني حارثة أين هو إن يكن في الجنة لم أبك و لم أحزن و إن يكن في النار بكيت ما عشت في الدنيا قال : فقال : لها رسول الله r يا أم حارثه إنها ليست بجنة و لكنها جنان و حارثة في الفردوس الأعلى قال : فانصرفت و هي تضحك و تقول : بخ بخ لك يا حارثه كذا. قال : حارثه بن النعمان.
8-مجموع الفتوى لابن تيمية (ج2/ ص 31): "والثالثة: المفضلة : الذين يفضلونه على أبي بكر وعمر، فتواتر عنه-عليّ- أنه قال: ( خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر ) ، وروى ذلك البخاري في صحيحه عن محمد بن الحنفية أنه سأل أباه-عليًّا-: مَنْ خير الناس بعد رسول اللّه r؟ فقال: أبو بكر . قال : ثم من ؟ قال : عمر .
وكانت الشيعة الأولى لا يتنازعون في تفضيل أبي بكر وعمر، وإنما كان النزاع في علي وعثمان؛ ولهذا قال شريك بن عبد اللّه [ هو شريك بن عبد اللّه بن أبي نمر القرشي، وثقه ابن سعد، وقال يحيى بن معين والنسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات، وتوفي سنة 140هـ .
وقيل: 144هـ ]: إن أفضل الناس بعد رسول الّله r أبو بكر وعمر. فقيل له: تقول هذا وأنت من الشيعة ؟ فقال : كل الشيعة كانوا على هذا، وهو الذي قال هذا على أعواد منبره، أفنكذبه فيما قال ؟.
ولهذا قال سفيان الثوري: من فضل عليا على أبي بكر وعمر فقد أزرى [ أي : حطَّ من شأنهم . انظر: القاموس، مادة: زري ] بالمهاجرين والأنصار، وما أرى يصعد له إلى اللّه ـ عز وجل ـ عمل وهو كذلك. رواه أبو داود في سننه، وكأنه يعرض بالحسن بن صالح بن حيى، فإن الزيدية الصالحة وهم أصلح طوائف الزيدية ينسبون إليه ".اهـ
وممن أحسن في الإصابة على بيان طبقات الصحابة الشيخُ أحمدُ شاكر
كما يلي:
اختلفوا في طبقات الصحابة، فجعلها بعضُهم خمس طبقات، وعليه عمل ابن سعد في كتابه، ولو كان المطبوع كاملا لاستخرجناها منه وذكرناها.
وجعلها الحاكمُ اثنتي عشرة طبقة، وزاد بعضهم أكثر من ذلك، والمشهور ما ذهب إليه الحاكم، وهذه الطبقات هي:
1-الطبقة الأولى: أهل السابقة في الدخول إلى الإسلام من أهل مكة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب.
2- الطبقة الثانية: أصحاب دار الندوة، وهي الدار التي كان يجتمع فيها أهل مكة يتشاورون في شئونهم، فبعد إسلام عمر حمل الرسول r إلى دار الندوة فبايعه جماعة من أهل مكة.
3- الطبقة الثالثة: الذي هاجروا إلى الحبشة، مثل: جعفر بن أبي طالب.
4- الطبقة الرابعة: أصحاب بيعة العقبة الأولى ،مثل: عبادة بن الصامت وأسعد بن زرارة.
5- الطبقة الخامسة: أصحاب بيعة العقبة الثانية وأكثرهم من الأنصار.
6- الطبقة السادسة: أوائل المهاجرين الذين وصلوا إلى النبي r وهو بقباء
قبل أن يدخل المدينة، مثل: أبي سلمة بن عبد الأسد، وعامر بن ربيعة.
7- الطبقة السابعة: الذين اشتركوا في غزوة بدر، مثل: الحباب بن المنذر.
8- الطبقة الثامنة: الذين هاجروا إلى المدينة في الفترة ما بين غزوة بدر وصلح الحديبية، مثل:
المغيرة بن شعبة.
9- الطبقة التاسعة: أهل بيعة الرضوان في الحديبية، مثل: عبد الله بن عمر.
10- الطبقة العاشرة: الذين هاجروا في الفترة بين صلح الحديبية وفتح مكة، مثل:خالد بن الوليد
وعمرو بن العاص.
11- الطبقة الحادية عشرة: الذين أسلموا في فتح مكة، مثل: أبي سفيان بن حرب، ومعاوية بن أبي سفيان، وعتاب من أسيد.
12- الطبقة الثانية عشرة: الصبيان والأطفال الذين رأوا الرسول r في فتح
مكة وحجة الوداع. اهـ
ثانيًا : قد وقع من الصحابة بعض الأخطاء فهم ليسوا معصومين عن الخطأ والأخطاء؛ هم بشرٌ مثل البشر يصيبون ويخطئون.....فُضّلُوا بِشَرفِ الصحبةِ، والعملِ الصالحِ الناجحِ.. ولم يبلغوا درجةَ الأنبياء؛ بل هم عُدُول في تبلغهم عن النبي محمد r،فلا تجد صحابيًّا مخلصًا قد كذب على نبيهr... فعدالتهم تتمثل في قبول شهادتهم....
كما أنهم هم خيرُ جيلٍ يُتأسى به في نصرة الدين ومعرفة مُرادِ خالق الأحياء، وهم خيرُ أناسٍ عرفتهم البشريةُ بعد الأنبياء ووضؤوا الأرض وعمروها وأحبهم منْ في السماءِ... قال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ:" إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ rخَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ ".
(مسند أحمد برقم 3418) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن.
كتبه / أكرم حسن مرسي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى