هل أحرق خالدُ بنُ الوليد رأسَ مسلمًا ؟!
الأحد ديسمبر 30, 2018 7:17 am
هل أحرق خالدُ بنُ الوليد رأسَ مسلمًا ؟!
قالوا: إنّ خالد بن الوليد أشعل النار على رأس مسلم هو مالك بن نُوَيْرَةَ وطبخ اللحم على رأسه...!!
وظل المعترضون يرددون هذا الافتراء مثل الببغاوات والعجماوات ....
وتعلقوا على ذلك بما جاء في كتاب: ( تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج3 / ص279) : حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مِنْ عَهْدِهِ إِلَى جُيُوشِهِ: أَنْ إِذَا غَشِيتُمْ دَارًا مِنْ دُورِ النَّاسِ فَسَمِعْتُمْ فِيهَا أَذَانًا لِلصَّلاةِ، فَأَمْسِكُوا عَنْ أَهْلِهَا حَتَّى تَسْأَلُوهُمْ مَا الَّذِي نَقَمُوا! وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا أَذَانًا، فَشِنُّوا الْغَارَةَ، فَاقْتُلُوا، وَحَرِّقُوا وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ لِمَالِكٍ بِالإِسْلامِ أَبُو قَتَادَةَ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ، وَقَدْ كَانَ عَاهَدَ اللَّهَ أَلا يَشْهَدَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ حَرْبًا أَبَدًا بَعْدَهَا، وَكَانَ يُحَدِّثُ أَنَّهُمْ لَمَّا غَشُوا الْقَوْمَ رَاعُوهُمْ تَحْتَ اللَّيْلِ، فَأَخَذَ الْقَوْمُ السِّلاحَ قَالَ: فَقُلْنَا: إِنَّا الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: وَنَحْنُ الْمُسْلِمُونَ، قُلْنَا: فَمَـا بَالُ السِّلاحُ مَعَكُمْ! قَالُوا لَنَا: فَمَـا بَالُ السِّلاحُ مَعَكُمْ! قُلْنَا: فَإِنْ كُنْتُمْ كَمـَا تَقُولُونَ فَضَعُوا السِّلاحَ، قَالَ: فَوَضَعُوهَا، ثُمَّ صَلَّيْنَا وَصَلُوا وَكَانَ خَالِدٌ يَعْتَذِرُ فِي قَتْلِهِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ وَهُوَ يُرَاجِعُهُ: مَا أَخَالُ صَاحِبَكُمْ إِلا وَقَدْ كَانَ يقول كذا وكذا قال: أَوَ مَا تَعُدُّهُ لَكَ صَاحِبًا! ثُمَّ قَدَّمَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَأَعْنَاقَ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ قَتْلَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، تَكَلَّمَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ فَأَكْثَرَ، وقال: عدو الله عدا عَلَى امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ نَزَا عَلَى امْرَأَتِهِ! وَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَافِلا حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ قِبَاءٌ لَهُ عَلَيْهِ صَدَأُ الْحَدِيدِ، مُعْتَجِرًا بِعِمَامَةٍ لَهُ، قَدْ غَرَزَ فِي عِمَامَتِهِ أَسْهُمًـا، فَلَمَّـا أَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَانْتَزَعَ الأَسْهُمَ مِنْ رَأْسِهِ فَحَطَّمَهَا، ثم قال: ارثاء! قتلتَ امْرَأً مُسْلِمًـا، ثُمَّ نَزَوْتَ عَلَى امْرَأَتِهِ! وَاللَّهِ لأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ- وَلا يُكَلِّمُهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَلا يَظُنُّ إِلا أَنَّ رَأْيَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مِثْلِ رَأْيِ عُمَرَ فِيهِ- حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّـا أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَخْبَرَهُ الْـخَبَرَ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَعَذَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَتَجَاوَزَ عَنْهُ مَا كَانَ فِي حَرْبِهِ تِلْكَ قَالَ: فَخَرَجَ خَالِدٌ حِينَ رَضِيَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: هَلُمَّ إلى يا بن أُمِّ شَمْلَةَ! قَالَ: فَعَرَفَ عُمَرُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ رَضِيَ عَنْهُ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ، وَدَخَلَ بَيْتَهُ. وَكَانَ الَّذِي قَتَلَ مَالِكَ بْنِ نُوَيْرَةَ عَبْدُ بْنُ الأَزْوَرِ الأَسَدِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: الَّذِي قَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ ضِرَارُ بْنُ الأزور }.
الرد على الافتراء
أولًا: إنّ النبيَّ محمدًا r قد مات وهو عن خالدٍ راضٍ تمام الرضا، ولقبه سيف الله المسلول، وقال عنهr :" إنه الكرار لا الفرار"...
كما أنْ مناقب عظيمة سُطرت على صفحات التاريخ، تكفيه عند الله يوم الحساب، وهذا ردًا على كلّ مفترٍ كذاب.....
ألا فلا نامت أعين الجبناء....فكل مولود مسلم يولد على أرض فتحها القائد العظيم خالد بن الوليد في ميزان حسناته يوم التباب...
ثانيًا: إن الصحابة جميعًا ليسوا معصومين عن الوقوع في الخطأ؛ لأن العصمة دُفنت بموت النبي محمد r؛ لكنهم عدول في تبليغهم عن نبيهم ، ويُقتضى بفعلهم وينهج نهجهم ويُفخر بهم...
فإن أخطأ صحابيًّا ذكرتُ ذلك وقلتُ به؛ ولا يضر فعله الإسلام شيئًا....
والحق أنّ الواقعة مكذوبةٌ على خالد بن الوليد ويكفي الأصل، وهو فعل قول والنبي محمد rالذي بين حرمة حرق أي حي بالنار؛ فالذي يعذب بها هو فقط خالقها.... وذلك في الآتي:
1- صحيح البخاري برقم 2794 قَالَ r : "لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ".
أي: النار.
2- مسند ابن أبي شيبة برقم 198عن عبد الرحمن بن عبد الله ، عن أبيه ، قال : كنا مع النبي r فنزلنا منزلًا فيه قرية نمل قد أحرقناها ، فقال رسول الله r: " لا يعذب بها أحد إلا الله تعالى وعز ، فإنه لا يعذب بالنار إلا خالقها " .
3- صحيح البخاري برقم 2793 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ:
بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ rفِي بَعْثٍ فَقَالَ:" إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ".
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ:" إِنِّي أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحْرِقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا"
وبالتالي: فهذا هو دين الإسلام العظيم، وهذا هو معلم البشرية وفخر الكون"النبي محمدٌ" وهو معلم خالد بن الوليد الصحابي الجليل يقول: لا تعذبوا أحدًا بالنار؛ لأن الله وحده هو الذي يعذب بها....
ثالثًا: إنّ المعترضين يعترضون ويطعنون ظنًا منهم أنها طعنة في أخلاق الصحابي الجليل خالد بن الوليد وتقلل من شأنه ومن قبله النبي محمد معلمه....ولكن اعتراضهم ليس مقبولًا؛ لأن الرواية لا تصح نسبتها إلى هذا الصحابي الجليل...!
بيّن ضعفها ونكارتها أخي الحبيب/ أبو عمر الباحث لما قال :
أولًا: الرواية غير صحيحة:
فالسندُ فيه كَذَّاب ومدلس وضعيف ثم انقطاع.
فعلل الرواية هي:
العِلَّة الأولى: محمد بْنُ حميد الرازي كذاب.
قال الإمام ابنُ حِبَّان: { كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات.
قال أبو زرعة ومحمد بن مسلم بن وَارَة: صَحَّ عندنا أَنَّهُ يكذب }. كتاب المجروحين من المحدثين للإمام أبي حاتم بن حبان ج2 ص321 ط دار الصميعي – السعودية.
العلة الثانية: سلمة بن الفضل الأبرش كثير الخطأ.
قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني: { صدوق كثير الخطأ }. تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص188 ، ط مؤسسة الرسالة – بيروت.
العلة الثالثة: عنعنة محمد بن إسحاق.
قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني:
{ صدوق مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين }. طبقات المدلسين للإمام ابن حجر العسقلاني ص52 ، ط دار المنار- الأردن.
العلة الرابعة: الإرسال.
طلحة بن عبد الله لم يدرك أبا بكر الصديق ولم يعاصر هذه الواقعة، وحديثه عنه مرسل.
والحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف.
قال الإمامُ أبو سعيد العلائي: { طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن جده الأعلى أبي بكر قال أبو زرعة: مرسل، وهذا ظاهر لا خفاء به }. جامع التحصيل في أحكام المراسيل للإمام العلائي ص201 ط دار عالم الكتب – بيروت.
وعليه فالرواية سَاقِطَةُ الإِسْنَاد لا يـُحْتَجُّ بِهَا.
ثانياً: الرواية التي تسبقها من تاريخ الطبري: { كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ: عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ خُزَيْمَةَ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ سُوَيْدٍ، قَالَ: ” كَانَ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ شَعْرًا، وَإِنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرِ أَثَفُّوا بِرُءُوسِهِمْ الْقُدُورَ، فَمَا مِنْهُمْ رَأْسٌ إِلا وَصَلَتِ النَّارُ إِلَى بَشْرَتِهِ مَا خَلا مَالِكًا، فَإِنَّ الْقِدْرَ نَضَجَتْ وَمَا نَضَجَ رَأْسُهُ مِنْ كَثْرَةِ شَعْرِهِ، وَقَى الشَّعْرُ الْبَشْرَةَ حَرَّهَا أَنْ يَبْلُغَ مِنْهُ ذَلِكَ. وَأَنْشَدَهُ مُتَمِّمٌ وَذَكَرَ خَمْصَهُ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رَآهُ مَقْدَمَهُ عَلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: أَكَذَاكَ يَا مُتَمِّمُ كَانَ؟ قَالَ: أَمَّا ممَا أَعْنِي فَنَعَمْ }. تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج3 ص279، ط دار المعارف – مصر.
وهذا السند غير صحيح كسابقه للأتي:
العِلَّة الأولى: شعيب بن إبراهيم الكوفي ضعيف الحديث.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني: { راويةُ كتبِ سيفٍ عنه، فيه جهالة، انتهى. ذكره بن عدى وقال ليس بالمعروف وله أحاديث وأخبار وفيه بعض النكرة وفيها ما فيه تحامل على السلف}. لسان الميزان للإمام ابن حجر العسقلاني ج4 / ص247 ط دار البشائر الإسلامية – بيروت.
العلة الثانية: سيف بن عمر الضَّبِّيُّ.
قال الإمامُ شمسُ الدين الذهبي: { قال عباس عن يحيى: ضعيف، وروى مطين عن يحيى: فِلْسُ خير منه.
وقال أبو داود: ليس بشيء.
وقال أبو حاتم: متروك.
وقال ابن حبان: اتُّهِمَ بالزندقة: وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر.
مكحول البيروتي سمعت جعفر بن أبان سمعت ابن نمير يقول سيف الضبي تميمي كان جميع يقول حدثني رجل من بني تميم وكان سيف يضع الحديث. وقد اتُّهِمَ بالزندقة }. ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج3 /ص353 ط دار الكتب العلمية – بيروت.
العلة الثالثة: حزيمة بن ثابت العقفاني مجهول الحال.
ولم أجد من ترجم له إلا ما قاله الإمام ابن ماكولا في الإكمال.
ملحوظة: جاء في تاريخ الطبري اسمه خزيمة وهو تصحيف.
قال الإمامُ ابن ماكولا: { وأما حزيمة أوله حاء مهملة مفتوحة بعدها زاى مكسورة فهو حزيمة ابن شجرة العقفاني عن عثمان بن سويد عن سويد بن مثعبة الرياحي قال: قدم خالد بن الوليد البطاح حديث مالك بن نويرة روى عنه سيف بن عمر }. الإكمال للإمام علي بن هبة الله بن ماكولا ج3 ص140 دار الكتاب الإسلامي – القاهرة.
العلة الرابعة: عثمان بن سويد الجذامي مجهول الحال.
فحزيمة بن ثابت وعثمان بن سويد كلاهما مجهول الحال ، ورواية المجهول عندنا مردودة.
قال الإمامُ أبو عمرو بن الصلاح: {الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ }. علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص111، ط دار الفكر المعاصر – لبنان.
فكل هذه العلل الكثيرة تمنعنا من قبول مثل هذه الرواية.
ثالثاً: القصة تخالف الروايات الصحيحة:
تقول الرواية أن أبا بكر الصديق قال للجيش: {وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا أَذَانًا، فَشِنُّوا الْغَارَةَ، فَاقْتُلُوا، وَحَرِّقُوا}.!
مع أن سيرة أبي بكر تقول غير ذلك.
قال الإمامُ البيهقي: { عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -بَعَثَ جُيُوشًا إِلَى الشَّامِ، فَخَرَجَ يَمْشِي مَعَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَ أَمِيرَ رُبْعٍ مِنْ تِلْكَ الأَرْبَاعِ، فَزَعَمُوا أَنَّ يَزِيدَ قَالَ لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ : إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ وَإِمَّا أَنْ أَنْزِلَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ ” مَا أَنْتَ بِنَازِلٍ وَلا أَنَا بِرَاكِبٍ، إِنِّي أَحْتَسِبُ خُطَايَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّكَ سَتَجِدُ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّهِ فَذَرْهُمْ وَمَا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ، وَسَتَجِدُ قَوْمًا، فَحَصُوا، عَنْ أَوْسَاطِ رُؤُوسِهِمْ مِنَ الشَّعْرِ، فَاضْرِبْ مَا فَحَصُوا عَنْهُ بِالسَّيْفِ، وَإِنِّي مُوصِيكَ بِعَشْرٍ: لا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً، وَلا صَبِيًّا، وَلا كَبِيرًا هَرِمًا، وَلا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا، وَلا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا، وَلا تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلا بَعِيرًا إِلا لِمَأْكَلَةٍ، وَلا تَحْرِقَنَّ نَخْلا وَلا تُغَرِّقَنَّهُ، وَلا تَغْلُلْ، وَلا تَجْبُنْ }.السنن الكبرى للإمام أبي بكر البيهقي ج9 /ص89 ، ط مكتبة دار الباز – مكة المكرمة.
ومن باب الأمانة العلمية أقول إن هذه الرواية مرسلة ولكنها في كل الأحوال أصلح حالًا من الرواية المكذوبة كالتي ذَكَرَهَا سيف بن عمر الكذَّاب.
كما أن هناك رواية عن سيف بن عمر نفسه أيضًا تقول إن أبا بكر الصديق أمر الجيش بالرحمة والرفق وهي كالتالي:
قال الإمامُ الطبري: { قال أبو بكر للجيش: يأيها الناس ، قفوا أوصكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة ، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة ؛ وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع ؛ فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام ؛ فإذا أكلتم منها شيئاً بعد شيء فاذكروا اسم الله عليها . وتلقون أقواماً قد فحصوا أوساط رءوسهم وتركوا حولها مثل العصائب ؛ فاخفقوهم بالسيف خفقاً . اندفعوا باسم الله ، أفناكم الله بالطعن والطاعون }. تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج3 ص226 ، ط دار المعارف – مصر.
فانظر عزيز القارئ إلى تناقض سيف بن عمر !!
كيف يروي مرةً أمرَ أبي بكرٍ بالتحريق ومرة يروي عنه أنه ينهى عن التحريق.!
رابعاً: القصة لا تُصَدَّقُ عقلًا:
أقول أن هذه الرواية لا يمكن أن يصدقها العقل
الرواية تقول: إن شعر مالك بن نويرة ظَلَّ مشتعلًا وقتًا كبيرًا ولكن يبدو أن سيف بن عمر الرافضي الكذَّاب أثناء تأليفه لهذه القصة فاته أنَّ شَعْرَ الإنسان ما إن تقترب منه النار حتى تأكله فور مَسِّهَا له، ولكن هكذا الكذابون دائما، يكذبون الكذبة ثم يوقعهم الله في شر أعمالهم، حتى يستطيع أي إنسان ببساطة شديدة أن يكشف كذبهم ويفضح باطلهم. اهـ بتصرف.
وعليه: فقد نسف هذا الافتراء نسفًا - سندًا ومتنًا وعقلًا- ...
رابعًا: لا يوجد في دين الإسلام حرق حي بالنار؛فهي عذاب الله وحده يجازي بها الظالمين يوم الحساب لمن خاب...
ولكن بالنظر إلى الكتاب المقدس الذي يؤمن به المعترضون يوجد الأمر الإلهي باستخدامها على البشر أحياء عقوبة لهم...!
ففي دين الوثنيين تحرق جثث الموتى ولا يُحرقون أحياء....!!
فعن أي اعتراض يعترض المعترضون وكتابهم يحمل مالا يشتهون....؟!!
أكتفي بما جاء في الآتي:
1-سفر اََلاَّوِيِّينَ أصحاح 20عدد 14" وإذا اتخذ رجل امرأة وأمها فذلك رذيلة بالنار يحرقونه وإياهما لكي لا يكون رذيلة بينكم".
2- سفر اََلاَّوِيِّينَ أصحاح 21عدد9" وإذا تدنست ابنة كاهن بالزنا فقد دنست أباها بالنار تحرق".
3- سفر العدد أصحاح 31 عدد 10" واحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار".
4- سفر يشوع أصحاح 8 عدد 8 "ويكون عند أخذكم المدينة أنكم تضرمون المدينة بالنار كقول الرب تفعلون انظروا.قد أوصيتكم".
5- إنجيل يوحنا أصحاح 15 عدد6" إن كان أحد لا يثبت فيّ يطرح خارجا كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق".
لا تعليق!
كتبه / أكرم حسن مرسي
قالوا: إنّ خالد بن الوليد أشعل النار على رأس مسلم هو مالك بن نُوَيْرَةَ وطبخ اللحم على رأسه...!!
وظل المعترضون يرددون هذا الافتراء مثل الببغاوات والعجماوات ....
وتعلقوا على ذلك بما جاء في كتاب: ( تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج3 / ص279) : حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مِنْ عَهْدِهِ إِلَى جُيُوشِهِ: أَنْ إِذَا غَشِيتُمْ دَارًا مِنْ دُورِ النَّاسِ فَسَمِعْتُمْ فِيهَا أَذَانًا لِلصَّلاةِ، فَأَمْسِكُوا عَنْ أَهْلِهَا حَتَّى تَسْأَلُوهُمْ مَا الَّذِي نَقَمُوا! وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا أَذَانًا، فَشِنُّوا الْغَارَةَ، فَاقْتُلُوا، وَحَرِّقُوا وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ لِمَالِكٍ بِالإِسْلامِ أَبُو قَتَادَةَ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ، وَقَدْ كَانَ عَاهَدَ اللَّهَ أَلا يَشْهَدَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ حَرْبًا أَبَدًا بَعْدَهَا، وَكَانَ يُحَدِّثُ أَنَّهُمْ لَمَّا غَشُوا الْقَوْمَ رَاعُوهُمْ تَحْتَ اللَّيْلِ، فَأَخَذَ الْقَوْمُ السِّلاحَ قَالَ: فَقُلْنَا: إِنَّا الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: وَنَحْنُ الْمُسْلِمُونَ، قُلْنَا: فَمَـا بَالُ السِّلاحُ مَعَكُمْ! قَالُوا لَنَا: فَمَـا بَالُ السِّلاحُ مَعَكُمْ! قُلْنَا: فَإِنْ كُنْتُمْ كَمـَا تَقُولُونَ فَضَعُوا السِّلاحَ، قَالَ: فَوَضَعُوهَا، ثُمَّ صَلَّيْنَا وَصَلُوا وَكَانَ خَالِدٌ يَعْتَذِرُ فِي قَتْلِهِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ وَهُوَ يُرَاجِعُهُ: مَا أَخَالُ صَاحِبَكُمْ إِلا وَقَدْ كَانَ يقول كذا وكذا قال: أَوَ مَا تَعُدُّهُ لَكَ صَاحِبًا! ثُمَّ قَدَّمَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَأَعْنَاقَ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ قَتْلَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، تَكَلَّمَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ فَأَكْثَرَ، وقال: عدو الله عدا عَلَى امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ نَزَا عَلَى امْرَأَتِهِ! وَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَافِلا حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ قِبَاءٌ لَهُ عَلَيْهِ صَدَأُ الْحَدِيدِ، مُعْتَجِرًا بِعِمَامَةٍ لَهُ، قَدْ غَرَزَ فِي عِمَامَتِهِ أَسْهُمًـا، فَلَمَّـا أَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَانْتَزَعَ الأَسْهُمَ مِنْ رَأْسِهِ فَحَطَّمَهَا، ثم قال: ارثاء! قتلتَ امْرَأً مُسْلِمًـا، ثُمَّ نَزَوْتَ عَلَى امْرَأَتِهِ! وَاللَّهِ لأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ- وَلا يُكَلِّمُهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَلا يَظُنُّ إِلا أَنَّ رَأْيَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مِثْلِ رَأْيِ عُمَرَ فِيهِ- حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّـا أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَخْبَرَهُ الْـخَبَرَ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَعَذَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَتَجَاوَزَ عَنْهُ مَا كَانَ فِي حَرْبِهِ تِلْكَ قَالَ: فَخَرَجَ خَالِدٌ حِينَ رَضِيَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: هَلُمَّ إلى يا بن أُمِّ شَمْلَةَ! قَالَ: فَعَرَفَ عُمَرُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ رَضِيَ عَنْهُ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ، وَدَخَلَ بَيْتَهُ. وَكَانَ الَّذِي قَتَلَ مَالِكَ بْنِ نُوَيْرَةَ عَبْدُ بْنُ الأَزْوَرِ الأَسَدِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: الَّذِي قَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ ضِرَارُ بْنُ الأزور }.
الرد على الافتراء
أولًا: إنّ النبيَّ محمدًا r قد مات وهو عن خالدٍ راضٍ تمام الرضا، ولقبه سيف الله المسلول، وقال عنهr :" إنه الكرار لا الفرار"...
كما أنْ مناقب عظيمة سُطرت على صفحات التاريخ، تكفيه عند الله يوم الحساب، وهذا ردًا على كلّ مفترٍ كذاب.....
ألا فلا نامت أعين الجبناء....فكل مولود مسلم يولد على أرض فتحها القائد العظيم خالد بن الوليد في ميزان حسناته يوم التباب...
ثانيًا: إن الصحابة جميعًا ليسوا معصومين عن الوقوع في الخطأ؛ لأن العصمة دُفنت بموت النبي محمد r؛ لكنهم عدول في تبليغهم عن نبيهم ، ويُقتضى بفعلهم وينهج نهجهم ويُفخر بهم...
فإن أخطأ صحابيًّا ذكرتُ ذلك وقلتُ به؛ ولا يضر فعله الإسلام شيئًا....
والحق أنّ الواقعة مكذوبةٌ على خالد بن الوليد ويكفي الأصل، وهو فعل قول والنبي محمد rالذي بين حرمة حرق أي حي بالنار؛ فالذي يعذب بها هو فقط خالقها.... وذلك في الآتي:
1- صحيح البخاري برقم 2794 قَالَ r : "لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ".
أي: النار.
2- مسند ابن أبي شيبة برقم 198عن عبد الرحمن بن عبد الله ، عن أبيه ، قال : كنا مع النبي r فنزلنا منزلًا فيه قرية نمل قد أحرقناها ، فقال رسول الله r: " لا يعذب بها أحد إلا الله تعالى وعز ، فإنه لا يعذب بالنار إلا خالقها " .
3- صحيح البخاري برقم 2793 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ:
بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ rفِي بَعْثٍ فَقَالَ:" إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ".
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ:" إِنِّي أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحْرِقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا"
وبالتالي: فهذا هو دين الإسلام العظيم، وهذا هو معلم البشرية وفخر الكون"النبي محمدٌ" وهو معلم خالد بن الوليد الصحابي الجليل يقول: لا تعذبوا أحدًا بالنار؛ لأن الله وحده هو الذي يعذب بها....
ثالثًا: إنّ المعترضين يعترضون ويطعنون ظنًا منهم أنها طعنة في أخلاق الصحابي الجليل خالد بن الوليد وتقلل من شأنه ومن قبله النبي محمد معلمه....ولكن اعتراضهم ليس مقبولًا؛ لأن الرواية لا تصح نسبتها إلى هذا الصحابي الجليل...!
بيّن ضعفها ونكارتها أخي الحبيب/ أبو عمر الباحث لما قال :
أولًا: الرواية غير صحيحة:
فالسندُ فيه كَذَّاب ومدلس وضعيف ثم انقطاع.
فعلل الرواية هي:
العِلَّة الأولى: محمد بْنُ حميد الرازي كذاب.
قال الإمام ابنُ حِبَّان: { كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات.
قال أبو زرعة ومحمد بن مسلم بن وَارَة: صَحَّ عندنا أَنَّهُ يكذب }. كتاب المجروحين من المحدثين للإمام أبي حاتم بن حبان ج2 ص321 ط دار الصميعي – السعودية.
العلة الثانية: سلمة بن الفضل الأبرش كثير الخطأ.
قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني: { صدوق كثير الخطأ }. تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص188 ، ط مؤسسة الرسالة – بيروت.
العلة الثالثة: عنعنة محمد بن إسحاق.
قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني:
{ صدوق مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين }. طبقات المدلسين للإمام ابن حجر العسقلاني ص52 ، ط دار المنار- الأردن.
العلة الرابعة: الإرسال.
طلحة بن عبد الله لم يدرك أبا بكر الصديق ولم يعاصر هذه الواقعة، وحديثه عنه مرسل.
والحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف.
قال الإمامُ أبو سعيد العلائي: { طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن جده الأعلى أبي بكر قال أبو زرعة: مرسل، وهذا ظاهر لا خفاء به }. جامع التحصيل في أحكام المراسيل للإمام العلائي ص201 ط دار عالم الكتب – بيروت.
وعليه فالرواية سَاقِطَةُ الإِسْنَاد لا يـُحْتَجُّ بِهَا.
ثانياً: الرواية التي تسبقها من تاريخ الطبري: { كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ: عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ خُزَيْمَةَ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ سُوَيْدٍ، قَالَ: ” كَانَ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ شَعْرًا، وَإِنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرِ أَثَفُّوا بِرُءُوسِهِمْ الْقُدُورَ، فَمَا مِنْهُمْ رَأْسٌ إِلا وَصَلَتِ النَّارُ إِلَى بَشْرَتِهِ مَا خَلا مَالِكًا، فَإِنَّ الْقِدْرَ نَضَجَتْ وَمَا نَضَجَ رَأْسُهُ مِنْ كَثْرَةِ شَعْرِهِ، وَقَى الشَّعْرُ الْبَشْرَةَ حَرَّهَا أَنْ يَبْلُغَ مِنْهُ ذَلِكَ. وَأَنْشَدَهُ مُتَمِّمٌ وَذَكَرَ خَمْصَهُ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رَآهُ مَقْدَمَهُ عَلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: أَكَذَاكَ يَا مُتَمِّمُ كَانَ؟ قَالَ: أَمَّا ممَا أَعْنِي فَنَعَمْ }. تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج3 ص279، ط دار المعارف – مصر.
وهذا السند غير صحيح كسابقه للأتي:
العِلَّة الأولى: شعيب بن إبراهيم الكوفي ضعيف الحديث.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني: { راويةُ كتبِ سيفٍ عنه، فيه جهالة، انتهى. ذكره بن عدى وقال ليس بالمعروف وله أحاديث وأخبار وفيه بعض النكرة وفيها ما فيه تحامل على السلف}. لسان الميزان للإمام ابن حجر العسقلاني ج4 / ص247 ط دار البشائر الإسلامية – بيروت.
العلة الثانية: سيف بن عمر الضَّبِّيُّ.
قال الإمامُ شمسُ الدين الذهبي: { قال عباس عن يحيى: ضعيف، وروى مطين عن يحيى: فِلْسُ خير منه.
وقال أبو داود: ليس بشيء.
وقال أبو حاتم: متروك.
وقال ابن حبان: اتُّهِمَ بالزندقة: وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر.
مكحول البيروتي سمعت جعفر بن أبان سمعت ابن نمير يقول سيف الضبي تميمي كان جميع يقول حدثني رجل من بني تميم وكان سيف يضع الحديث. وقد اتُّهِمَ بالزندقة }. ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج3 /ص353 ط دار الكتب العلمية – بيروت.
العلة الثالثة: حزيمة بن ثابت العقفاني مجهول الحال.
ولم أجد من ترجم له إلا ما قاله الإمام ابن ماكولا في الإكمال.
ملحوظة: جاء في تاريخ الطبري اسمه خزيمة وهو تصحيف.
قال الإمامُ ابن ماكولا: { وأما حزيمة أوله حاء مهملة مفتوحة بعدها زاى مكسورة فهو حزيمة ابن شجرة العقفاني عن عثمان بن سويد عن سويد بن مثعبة الرياحي قال: قدم خالد بن الوليد البطاح حديث مالك بن نويرة روى عنه سيف بن عمر }. الإكمال للإمام علي بن هبة الله بن ماكولا ج3 ص140 دار الكتاب الإسلامي – القاهرة.
العلة الرابعة: عثمان بن سويد الجذامي مجهول الحال.
فحزيمة بن ثابت وعثمان بن سويد كلاهما مجهول الحال ، ورواية المجهول عندنا مردودة.
قال الإمامُ أبو عمرو بن الصلاح: {الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ }. علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص111، ط دار الفكر المعاصر – لبنان.
فكل هذه العلل الكثيرة تمنعنا من قبول مثل هذه الرواية.
ثالثاً: القصة تخالف الروايات الصحيحة:
تقول الرواية أن أبا بكر الصديق قال للجيش: {وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا أَذَانًا، فَشِنُّوا الْغَارَةَ، فَاقْتُلُوا، وَحَرِّقُوا}.!
مع أن سيرة أبي بكر تقول غير ذلك.
قال الإمامُ البيهقي: { عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -بَعَثَ جُيُوشًا إِلَى الشَّامِ، فَخَرَجَ يَمْشِي مَعَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَ أَمِيرَ رُبْعٍ مِنْ تِلْكَ الأَرْبَاعِ، فَزَعَمُوا أَنَّ يَزِيدَ قَالَ لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ : إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ وَإِمَّا أَنْ أَنْزِلَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ ” مَا أَنْتَ بِنَازِلٍ وَلا أَنَا بِرَاكِبٍ، إِنِّي أَحْتَسِبُ خُطَايَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّكَ سَتَجِدُ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّهِ فَذَرْهُمْ وَمَا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ، وَسَتَجِدُ قَوْمًا، فَحَصُوا، عَنْ أَوْسَاطِ رُؤُوسِهِمْ مِنَ الشَّعْرِ، فَاضْرِبْ مَا فَحَصُوا عَنْهُ بِالسَّيْفِ، وَإِنِّي مُوصِيكَ بِعَشْرٍ: لا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً، وَلا صَبِيًّا، وَلا كَبِيرًا هَرِمًا، وَلا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا، وَلا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا، وَلا تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلا بَعِيرًا إِلا لِمَأْكَلَةٍ، وَلا تَحْرِقَنَّ نَخْلا وَلا تُغَرِّقَنَّهُ، وَلا تَغْلُلْ، وَلا تَجْبُنْ }.السنن الكبرى للإمام أبي بكر البيهقي ج9 /ص89 ، ط مكتبة دار الباز – مكة المكرمة.
ومن باب الأمانة العلمية أقول إن هذه الرواية مرسلة ولكنها في كل الأحوال أصلح حالًا من الرواية المكذوبة كالتي ذَكَرَهَا سيف بن عمر الكذَّاب.
كما أن هناك رواية عن سيف بن عمر نفسه أيضًا تقول إن أبا بكر الصديق أمر الجيش بالرحمة والرفق وهي كالتالي:
قال الإمامُ الطبري: { قال أبو بكر للجيش: يأيها الناس ، قفوا أوصكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة ، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة ؛ وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع ؛ فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام ؛ فإذا أكلتم منها شيئاً بعد شيء فاذكروا اسم الله عليها . وتلقون أقواماً قد فحصوا أوساط رءوسهم وتركوا حولها مثل العصائب ؛ فاخفقوهم بالسيف خفقاً . اندفعوا باسم الله ، أفناكم الله بالطعن والطاعون }. تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج3 ص226 ، ط دار المعارف – مصر.
فانظر عزيز القارئ إلى تناقض سيف بن عمر !!
كيف يروي مرةً أمرَ أبي بكرٍ بالتحريق ومرة يروي عنه أنه ينهى عن التحريق.!
رابعاً: القصة لا تُصَدَّقُ عقلًا:
أقول أن هذه الرواية لا يمكن أن يصدقها العقل
الرواية تقول: إن شعر مالك بن نويرة ظَلَّ مشتعلًا وقتًا كبيرًا ولكن يبدو أن سيف بن عمر الرافضي الكذَّاب أثناء تأليفه لهذه القصة فاته أنَّ شَعْرَ الإنسان ما إن تقترب منه النار حتى تأكله فور مَسِّهَا له، ولكن هكذا الكذابون دائما، يكذبون الكذبة ثم يوقعهم الله في شر أعمالهم، حتى يستطيع أي إنسان ببساطة شديدة أن يكشف كذبهم ويفضح باطلهم. اهـ بتصرف.
وعليه: فقد نسف هذا الافتراء نسفًا - سندًا ومتنًا وعقلًا- ...
رابعًا: لا يوجد في دين الإسلام حرق حي بالنار؛فهي عذاب الله وحده يجازي بها الظالمين يوم الحساب لمن خاب...
ولكن بالنظر إلى الكتاب المقدس الذي يؤمن به المعترضون يوجد الأمر الإلهي باستخدامها على البشر أحياء عقوبة لهم...!
ففي دين الوثنيين تحرق جثث الموتى ولا يُحرقون أحياء....!!
فعن أي اعتراض يعترض المعترضون وكتابهم يحمل مالا يشتهون....؟!!
أكتفي بما جاء في الآتي:
1-سفر اََلاَّوِيِّينَ أصحاح 20عدد 14" وإذا اتخذ رجل امرأة وأمها فذلك رذيلة بالنار يحرقونه وإياهما لكي لا يكون رذيلة بينكم".
2- سفر اََلاَّوِيِّينَ أصحاح 21عدد9" وإذا تدنست ابنة كاهن بالزنا فقد دنست أباها بالنار تحرق".
3- سفر العدد أصحاح 31 عدد 10" واحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار".
4- سفر يشوع أصحاح 8 عدد 8 "ويكون عند أخذكم المدينة أنكم تضرمون المدينة بالنار كقول الرب تفعلون انظروا.قد أوصيتكم".
5- إنجيل يوحنا أصحاح 15 عدد6" إن كان أحد لا يثبت فيّ يطرح خارجا كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق".
لا تعليق!
كتبه / أكرم حسن مرسي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى